وما نضيفه الآن تعلية على ذلك هو: ان التاريخ نفسه يبرهن على أن الأفكار الاجتماعية بشأن تحديد نوعية النظام الأصلح.. ليست من خلق القوى المنتجة، بل للإنسان أصالته وابداعه في هذا المجال، بصورة مستقلة عن وسائل الانتاج وإلا فكيف تفسر لنا الماركسية ظهور فكرة التأميم، والاشتراكية وملكية الدولة في فترات زمنية متباعدة من التاريخ؟!. فلو كان الايمان بفكرة التأميم _ بوصفه النظام الأصلح كما يؤمن الإنسان السوفياتي اليوم _ نتيجة لنوعية القوى المنتجة السائدة اليوم فما معنى ظهور الفكرة نفسها في أزمنة سحيقة لم تكن تملك من هذه القوى المنتجة شيئا.
أفلم يكن أفلاطون يؤمن بالشيوعية ويتصور مدينته الفاضلة على أساس شيوعي؟!، فهل كان ادراكه هذا من معطيات الوسائل الحديثة في الانتاج التي لم يكن الإغريق يملك منها شيئا؟!.
ماذا أقول؟!، بل إن الأفكار الاشتراكية بلغت قبل الفين من السنين، من النضج والعمق في ذهنية بعض كبار المفكرين السياسيين: درجة أتاحت لها مجالا للتطبيق كما يطبقها الإنسان السوفياتي اليوم، مع بعض الفروق. فهذا (و و _ د ي) أعظم الأباطرة الذين حكموا الصين من أسرة (هان)، كان يؤمن في ضوء خبرته وتجاربه بالاشتراكية، باعتبارها النظام الأصلح. فقام بتطبيقها عام (140 _ 187 ق م): فجعل موارد الثروة الطبيعية ملكا للأمة، وأمم صناعات استخراج الملح والحديد وعصر الخمر.
وأراد أن يقضي على سلطان الوسطاء والمضاربين في جهاز التجارة: فأنشأ نظاما خاصا للنقل والتبادل تشرف عليه الدولة، وسعى بذلك للسيطرة على التجارة، حتى يستطيع منع تقلب الأسعار الفجائي. فكان عمال الدولة هم الذين يتولون شؤون نقل البضائع وتوصيلها إلى أصحابها في جميع أنحاء البلاد، وكانت الدولة نفسها تخزن ما زاد من السلع على