منه. فالذي يضمن للإنسان السوفياتي اليوم صحة رأيه الاجتماعي، هو ان هذا الرأي يمثل الجانب الجديد من الوعي الاجتماعي، ويعبر عن مرحلة جديدة من التاريخ، فيجب أن يكون صحيحا دون غيره من الآراء القديمة.
صحيح ان بعض الأفكار الاجتماعية قد تبدو جديدة _ بالرغم من زيفها _ كالفكر النازي في النصف الأول من هذا القرن، حيث بدا وكأنه تعبير عن تطور تاريخي جديد. ولكن سرعان ما تنكشف أمثال هذه الأفكار المقنعة، ويظهر خلال التجربة انها ليست إلا رجعا للأفكار القديمة، وتعبيرا عن مراحل تاريخية بالية، وليست أفكارا جديدة بمعنى الكلمة.
وهكذا تؤكد الماركسية: على أن جدة الفكر الاجتماعي (بمعنى انبثاقه عن ظروف تاريخية جديدة التكون) هي الكفيلة بصحته ما دام التاريخ في تجدد ارتقائي.
وهناك شئ آخر وهو: ادراك الإنسانية اليوم مثلا للنظام الاشتراكي _ بوصفه النظام الأصلح -، لا يكفي في رأي الماركسية لإمكان تطبيقه، ما لم تخض الطبقة التي تنتفع بهذا النظام أكثر من سواها _ وهي الطبقة العاملة في مثالنا _ صراعا طبقيا عنيفا، ضد الطبقة التي من مصلحتها الاحتفاظ بالنظام السابق. وهذا الصراع الطبقي المسعور يتفاعل مع ادراك النظام الأصلح، فيشتد الصراع كلما نمى هذا الإدراك وازداد وضوحا، وهو بدوره يعمق الادراك وينميه كلما اشتد واستفحل.
ووجهة النظر الماركسية هذه تقوم على أساس مفاهيم المادية التاريخية، التي نقدناها في دراستنا الموسعة للماركسية الاقتصادية (1).