الوقوف عند الظاهر:
ان الذين أوجبوا الوقوف عند ظواهر النصوص ذهبوا إلى أن الحسن والقبح ومعرفة الله، كل ذلك يجب بالشرع لا بالعقل، وقالوا أيضا: ان الانسان مسير لا مخير اهمالا لحكم العقل، واخذا بظاهر الآية 96 من الصافات: " الله خلقكم وما تعلمون " والآية 16 من الرعد: " الله خالق كل شئ " واتفقوا أيضا على أن الله يرى بالمشاهدة، وان له سمعا وبصرا لظاهر الآية 11 من الشورى: " وهو السميع البصير ".
ثم اختلف هؤلاء الظاهريون فيما بينهم، فمنهم، وهم السنيون الحرفيون، ويعبر عنهم بالحشوية، وبأهل السلف قالوا: ان لله سمعا وبصرا، تماما كسمعنا وبصرنا، وانه يشاهد بالعيان في الدنيا والآخرة. ومنهم، وهم السنيون الأشاعرة قالوا: ان الله يرى في الآخرة، لا في الدنيا، وان سمعه وبصره يليقان بذاته، وليسا كسمعنا وبصرنا.
ومهما يكن، فان كلا من الحشوية والأشاعرة يثبت لله جميع الصفات، كما وردت في ظاهر القرآن والسنة دون تأويل وتصرف، وإذا اختلفا في شئ ففي الأسلوب فقط، اما الوقوف عند ظاهر النص فمحل وفاق بينهم، ونقل عن الأشاعرة " ان مذهبهم يعتمد على الوحي أكثر من اعتماده على العقل، بل صرح الأشعري بأن النظر العقلي المستقل عن الوحي لا يجوز أن يؤخذ طريقا إلى العلم بالشؤون الإلهية، وهو - أي الأشعري - وان