بتوحيد الصفات، ومن أجل هذا أطلقوا على أنفسهم أهل التوحيد فالإمامية والمعتزلة يشتركان في القول بأن الصفات هي عين الذات.
أي أنه سبحانه بصير بذاته، سميع بذاته، قادر بذاته، وهكذا لا يفرقان بين الذات والصفات، وأصحاب هذين المذهبين لهم عذرهم في ذلك عندي إذ أن التفريق بين الذات والصفات كثيرا ما يحمل العقول إلى الالتباس ويوقع الأذهان في معنى الاشراك. وهذا - مما لا شك فيه - من روائع تأملاتهم في التوحيد.
وكذلك نلحظ مثل هذه الروابط المتينة بين الإمامية والمعتزلة فيما تعرض له المؤلف من عقائد تتعلق بمعنى " العدل الإلهي " من نحو (وجوب فعل الجميل) على الله تعالى، ونحو (وجوب ترك القبيح) منه تعالى. فإنهما ما قالا بهذه المقالة إلا تحرزا عن نسبة الظلم إليه سبحانه. ومن ثم يتأول الإمامية استشهاد أهل السنة بقوله تعالى " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون "، وهم بحكم هذه العقيدة لا يرتضون قول الإمام أحمد الدردير - أحد أعلام السنة والتصوف في القرن الثاني عشر - حين يقول في خريدته:
ومن يقل بفعل الجميل وجبا * على الإله فقد أساء الأدبا ومع هذا فأنا - أيضا - آخذ لهم في ذلك العذر كل العذر للذي تنطوي عليه أفئدتهم من جميل القصد وهو التحرز من نسبة الظلم إليه سبحانه. ولو كان ذلك من قبيل توهم الظلم.
والحق أن لكل من الطائفتين: المعتزلة والشيعة الإمامية في جانب وأهل السنة والصوفية في جانب آخر - وجهته في الثناء على الكمال