وتعالى له!!
فأنت حين تقرأ هذا وتتبع ما قاله المؤلف عن عقائد الإمامية تلحظ بنفسك قولهم بالرأي الأول في الحسن والقبح. فهما في نظر الشيعة بعامة والإمامية بخاصة جوهريان ذاتيان في الأشياء وليسا آتيين من قبل أمر الله ونهيه، وذلك نهج يستوقف نظر الكثيرين من الباحثين ويدعوهم إلى الدهشة وإطالة الفكر والتأمل.
أما نحن فلا نجد في ذلك أدنى دهشة أو التباس في الأمر. ذلك أن الشيعة الإمامية كانوا يأخذون في الكثير من مواطن الأحكام الدينية بمنهج العقل بقدر أخذهم بمنهج النقل. وإن رأيهم في الحسن والقبح الذاتيين هو رأي جهابذة المعتزلة.
ويبقى هنا سؤال واحد يستلزم منا أن نجيبك عليه، هو: هل تأثر الشيعة بالمعتزلة؟ أم تأثر المعتزلة بالشيعة؟ فأما جمهور الباحثين فيرون أن الشيعة تأثروا بالمعتزلة في الأخذ بالمنهج العقلي. ولكني أزعم لك أن المعتزلة هم الذين تأثروا بالشيعة، وأن التشيع كعقيدة سابق على الاعتزال كعقيدة، وأن الاعتزال ولد ودرج في أحضان التشيع، وأن رؤوس الشيعة كانوا أسبق في الوجود من جهابذة المعتزلة. أزعم لك ذلك ما دمنا نسلم بالحقائق التاريخية، وما دمنا لا نشك في أن الرعيل الأول من الشيعة أخذوا في الظهور منذ عصر الراشدين وتطوروا في خلافة الإمام علي كرم الله وجهه في صورة لا تقبل الجدل. وما كاد الإمام يستشهد ظلما وعدوانا وينتقل إلى الدار الآخرة حتى أصبح للشيعة حزب يناهض جميع الأحزاب السياسية والدينية في الإسلام.