في الصدر الأول وقبل التدوين ناشئ من أن تلك الأخبار ليست مما يرجع إلى الأحكام الشرعية لتتحرى، فتسامحوا فيها كتسامح فريق من المسلمين بأدلة السنن.
على أن تلك الأخبار حتى في الصدر الأول لم يتلقها العارفون بالقبول على الإطلاق وعلى علاتها، وكيف تقبل كلها وفي الكثير منها ما فتح الباب على مصراعيه للتهجم على مقام الأنبياء بنسبة كبائر الآثام إليهم، بل أعظم من ذلك بنسبة الكفر إلى بعضهم، فلا يكاد نبي يسلم من التخطئة ومن اجتراح المعاصي، مما ترك علماء المسلمين يخوضون في بحث عصمة الأنبياء ووجوبها، وجوازها وتجويز بعضهم ما أجازته الإسرائيليات من المعصية عليهم، ومنع بعضهم وقوع ذلك البتة قبل التبليغ وبعده، وتفصيل البعض الآخر بين جواز نسبة الكذب إليهم قبل التبليغ ونفيه بعده، وما إلى ذلك من شجون هذا البحث الذي أفرد له علماء الكلام بابا خاصا، وعصمة الأنبياء مما اتفق جمهور الإسلام عليها وأولوا الآيات التي ظاهرها نسبة المعصية لهم، وصنف الشريف المرتضى كتابه (تنزيه الأنبياء) في هذا الموضوع.
الثاني: جاء في كشف الظنون لملا كاتب چلبي في علم التفسير وهو بحث مستوفي جامع، قال بعد أن ذكر شروط التفسير: ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف، ولا رعاية للأصول الشرعية والقواعد العربية، كتفسير محمود بن حمزة الكرماني في مجلدين سماه العجائب والغرائب، ضمنة أقوالا هي عجائب عند العوام وغرائب عما عهد عن السلف، بل هي أقوال منكرة لا يحل الاعتقاد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير، من ذلك قول من قال في ربنا (ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) [الفلق / 3] إنه الذكر إذا قام، وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده): معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس ويشف من الشفا جواب من واع أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا فأفتى بأنه ملحد، وأطال في هذا البحث إلى أن قال: ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضا