ثم برز كل واحد منهما لصاحبه فاختلفا ضربتين، فضرب يزيد بريرا ضربة خفيفة لم تضره شيئا، وضرب برير يزيد ضربة قدت المغفر وبلغت الدماغ، فخر كأنما هوى من حالق، وإن سيف برير لثابت في رأسه، فكأني أنظر إليه ينضنضه من رأسه، حتى أخرجه وهو يقول:
أنا برير وأبي خضير * وكل خير فله برير ثم بارز القوم فحمل عليه رضي بن منقد العبدي، فاعتنق بريرا، فاعتركا ساعة، ثم إن بريرا صرعه وقعد على صدره، فجعل رضي يصيح بأصحابه: أين أهل المصاع والدفاع؟ فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي يحمل عليه، فقلت له: إن هذا برير ابن خضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد! وحمل عليه بالرمح حتى وضعه في ظهره، فلما وجد برير مس الرمح برك على رضي فعض أنفه حتى قطعه، وأنفذ الطعنة كعب حتى ألقاه عنه، وقد غيب السنان في ظهره، ثم أقبل يضربه بسيفه حتى برد، فكأني أنظر إلى رضي قام ينفض التراب عنه، ويده على أنفه وهو يقول:
أنعمت علي يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا. فلما رجع كعب، قالت له أخته (1) النوار بنت جابر: أعنت على ابن فاطمة، وقتلت سيد القراء، لقد أتيت عظيما من الأمر، والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.
فقال كعب في ذلك:
سلي تخبري عني وأنت ذميمة * غداة حسين والرماح شوارع ألم أت أقصى ما كرهت ولم يخل * علي غداة الروع ما أنا صانع معي يزني لم تخنه كعوبه * وأبيض مخشوب الغرارين قاطع فجردته في عصبة ليس دينهم * بديني وإني بابن حرب لقانع