وبرير على باب الفسطاط تختلف مناكبهما (1)، فازدحما أيهما يطلي على أثر الحسين (عليه السلام)، فجعل برير يهازل عبد الرحمن ويضاحكه، فقال عبد الرحمن: دعنا، فوالله ما هذه بساعة باطل! فقال برير: والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شابا ولا كهلا، ولكني والله لمستبشر بما نحن لاقون، والله إن بيننا وبين الحور العين إلا أن نحمل على هؤلاء فيميلون علينا بأسيافهم، ولوددت أن ملوا بها الساعة (2)!
وقال أيضا، روى الضحاك بن قيس المشرقي - وكان بايع الحسين على أن يحامي عنه ما ظن أن المحاماة تدفع عن الحسين (عليه السلام) فإن لم يجد بدا فهو في حل - قال: بتنا الليلة العاشرة، فقام الحسين وأصحابه الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون يتضرعون، فمرت بنا خيل تحرسنا، وإن الحسين ليقرأ * (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين * ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) * (3)، فسمعها رجل (4) من تلك الخيل فقال: نحن ورب الكعبة الطيبون، ميزنا منكم. قال: فعرفته، فقلت لبرير: أتعرف من هذا؟ قال: لا. قلت: أبو حريث (5) عبد الله بن شهر السبيعي - وكان مضحاكا بطالا، وكان ربما حبسه سعيد بن قيس الهمداني في جناية - فعرفه برير، فقال له: أما أنت فلن يجعلك الله في الطيبين! فقال له: من أنت؟ قال: برير. فقال: إنا لله عز علي! هلكت والله، هلكت والله يا برير! فقال له برير: هل لك أن تتوب إلى الله من ذنوبك العظام! فوالله إنا لنحن الطيبون وأنتم