ذلك بعد قتل مسلم، وكان عبيد الله نظم الخيل ما بين خفان إلى القادسية وإلى القطقطانة وإلى لعلع وجعل عليها الحصين، وكانت صورة الكتاب: " من الحسين بن علي إلى الخوانه من المؤمنين والمسلمين: سلام عليكم. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإن كتاب مسلم جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم، واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع، وأن يثيبكم على ذلك أحسن الأجر، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم رسولي عليكم فانكمشوا في أمركم وجدوا، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ". قال: فلما قبض الحصين على قيس بعث به إلى عبيد الله، فسأله عبيد الله عن الكتاب، فقال:
خرقته، قال: ولم؟ قال: لئلا تعلم ما فيه. قال: إلى من؟ قال: إلى قوم لا أعرف أسماءهم. قال إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب الكذاب ابن الكذاب. يعني به الحسين (عليه السلام). فصعد المنبر فقال: أيها الناس، إن الحسين بن علي خير خلق الله، وابن فاطمة بنت رسول الله، وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر، فأجيبوه، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه، وصلى على أمير المؤمنين، فأمر به ابن زياد فأصعد القصر ورمي به من أعلاه، فتقطع ومات (1).
وقال الطبري: لما بلغ الحسين (عليه السلام) إلى عذيب الهجانات في ممانعة الحر جاءه أربعة نفر ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي الطائي وهم يجنبون فرس نافع المرادي، فسألهم الحسين (عليه السلام) عن الناس وعن رسوله، فأجابوه عن الناس، وقالوا له: رسولك من هو؟ قال: قيس. فقال مجمع العائذي: أخذه الحصين فبعث به إلى ابن زياد فأمره أن يلعنك وأباك، فصلى عليك وعلى أبيك، ولعن ابن زياد وأباه، ودعانا إلى نصرتك