أقتل. فقال: ذلك الظن بك، أما الآن فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتى أحتسبك أنا، فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما نقدر عليه، فإنه لا عمل بعد اليوم، وإنما هو الحساب (1).
أقول: هذا مثل مقال العباس بن علي (عليه السلام) لإخوته في ذلك اليوم، تقدموا لأحتسبكم فإنه لا ولد لكم. يعني فينقطع نسلكم فيشتد بلائي ويعظم أجري.
وفهم بعض المؤرخين من هذا المقال أنه أراد: لأحوز ميراثكم لولدي، وهو اشتباه، والعباس أجل قدرا من ذلك.
وروى أبو مخنف أيضا قال: فتقدم عابس إلى الحسين بعد مقالته لشوذب فسلم عليه وقال: يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز علي ولا أحب إلي منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بي أعز علي من نفسي ودمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد أني على هداك وهدى أبيك، ثم مشى بالسيف مصلتا نحو القوم، وبه ضربة على جبينه، فطلب البراز (2).
وروى أبو مخنف عن الربيع بن تميم الهمداني أنه قال: لما رأيت عابسا مقبلا عرفته وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب، وكان أشجع الناس، فصحت: أيها الناس: هذا أسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ عابس ينادي: ألا رجل ألا رجل؟! فلم يتقدم إليه أحد، فنادى عمر بن سعد: ويلكم ارضخوه بالحجارة. فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره خلفه، ثم شد على الناس، فوالله رأيته يكرد أكثر من مائتي من الناس،