الخبيثون، قال: وأنا والله على ذلك من الشاهدين، فقال ويحك أفلا تنفعك معرفتك!
قال: جعلت فداك! فمن ينادم يزيد بن عذرة العنزي؟ هاهو ذا معي. قال: قبح الله رأيك أنت سفيه على كل حال (1). قال: ثم انصرف عنا.
وروى بعض المؤرخين أنه لما بلغ من الحسين (عليه السلام) العطش ما شاء الله أن يبلغ استأذن برير الحسين (عليه السلام) في أن يكلم القوم فأذن له، فوقف قريبا منهم، ونادى: يا معشر الناس، إن الله بعث بالحق محمدا بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفجزاء محمد هذا؟ فقالوا: يا برير، قد أكثرت الكلام فاكفف، فوالله ليعطشن الحسين (عليه السلام) كما عطش من كان قبله، فقال الحسين (عليه السلام) اكفف يا برير، ثم وثب متوكئا على سيفه، فخطبهم هو (عليه السلام) بخطبته التي يقول فيها: " أنشدكم الله هل تعرفوني... الخ ".
وروى أبو مخنف عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس قال: خرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة فقال: يا برير بن خضير، كيف ترى صنع الله بك؟ قال: صنع الله بي والله خيرا، وصنع بك شرا، فقال: كذبت، وقبل اليوم ما كنت كذابا، أتذكر وأنا أماشيك في سكة بن دودان (2) وأنت تقول: إن عثمان كان كذا، وإن معاوية ضال مضل، وإن علي بن أبي طالب إمام الحق والهدى؟ قال برير: أشهد أن هذا رأيي وقولي، فقال يزيد: فإني أشهد أنك من الضالين، قال برير: فهل لك أن أباهلك، ولندع الله أن يلعن الكاذب، وأن يقتل المحق المبطل، ثم أخرج لأبارزك. قال: فخرجا فرفعا أيديهما بالمباهلة إلى الله، يدعوانه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المحق المبطل،