ذلك لتنال ما تحب ولينصر الله بك أهل بيت نبيه (صلى الله عليه وآله)، ولقد سائتني معرفتك إياي بهذا الأمر من قبل أن ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته. ثم إنه أخذ بيعته قبل أن يبرح وحلفه بالأيمان المغلظة ليناصحن وليكتمن فأعطاه ما رضي، ثم قال له:
اختلف إلي أياما حتى أطلب لك الإذن، فاختلف إليه ثم أذن له فدخل، ودل عبيد الله على موضعه، وذلك بعد موت شريك (1).
قالوا: ثم إن مسلم بن عوسجة بعد أن قبض على مسلم وهاني وقتلا اختفى مدة ثم فر بأهله إلى الحسين فوافاه بكربلا وفداه بنفسه.
وروى أبو مخنف عن الضحاك بن عبد الله الهمداني المشرقي: أن الحسين خطب أصحابه فقال في خطبته: " إن القوم يطلبونني ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، ثم ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي " فقال له أهله وتقدمهم العباس بالكلام: لم نفعل ذلك؟! لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك أبدا. ثم قام مسلم بن عوسجة فقال: أنحن نخلي عنك ولم نعذر إلى الله في أداء حقك؟! أم والله لا أبرح حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به، لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك، ثم تكلم أصحابه على نهجه (2).
قال الشيخ المفيد: ولما أضرم الحسين (عليه السلام) القصب في الخندق الذي عمله خلف البيوت مر الشمر فنادى: يا حسين أتعجلت بالنار قبل يوم القيامة؟ فقال له الحسين:
" يا بن راعية المعزى، أنت أولى بها طيا "، فرام مسلم بن عوسجة أن يرميه فمنعه الحسين (عليه السلام) عن ذلك، فقال له مسلم: إن الفاسق من أعداء الله وعظماء الجبارين،