فقام وقال لعابس بعد خطبته: رحمك الله لقد قضيت ما في نفسك بواجز من القول وأنا والله الذي لا إله إلا هو لعلى مثل ما أنت عليه.
قالوا: وجعل حبيب ومسلم (1) يأخذان البيعة للحسين (عليه السلام) في الكوفة حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وخذل أهلها عن مسلم وفر أنصاره حبسهما عشائرهما وأخفياهما، فلما ورد الحسين كربلا خرجا إليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتى وصلا إليه.
وروى ابن أبي طالب أن حبيبا لما وصل إلى الحسين (عليه السلام) ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه، قال للحسين: إن ههنا حيا من بني أسد فلو أذنت لي لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك، لعل الله أن يهديهم ويدفع بهم عنك. فأذن له الحسين (عليه السلام) فسار إليهم حتى وافاهم فجلس في ناديهم ووعظهم، وقال في كلامه: يا بني أسد، قد جئتكم بخير ما أتى به رائد قومه، هذا الحسين بن علي أمير المؤمنين وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد نزل بين ظهرانيكم في عصابة من المؤمنين، وقد أطافت به أعداؤه ليقتلوه، فأتيتكم لتمنعوه وتحفظوا حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه، فوالله لئن نصرتموه ليعطينكم الله شرف الدنيا والآخرة، وقد خصصتكم بهذه المكرمة، لأنكم قومي وبنو أبي وأقرب الناس مني رحما. فقام عبد الله بن بشير الأسدي وقال: شكر الله سعيك يا أبا القاسم، فوالله لجئتنا بمكرمة يستأثر بها المرء الأحب فالأحب، أما أنا فأول من أجاب، وأجاب جماعة بنحو جوابه فنهدوا مع حبيب، وانسل منهم رجل فأخبر ابن سعد، فأرسل الأزرق في خمسمائة فارس فعارضهم ليلا ومانعهم فلم يمتنعوا فقاتلهم، فلما علموا أن لا طاقة لهم بهم تراجعوا في ظلام الليل وتحملوا عن منازلهم. وعاد حبيب إلى الحسين (عليه السلام) فأخبره بما كان. فقال (عليه السلام): * (وما