إذا مات بكر قام بكر مكانه (1) فتلك وبيت الله قاصمة الظهر يدب ويغشاه العشار (2) كأنما يجاهد جما (3) أو يقوم على قبري فلو قام بالأمر الوصي عليهم (4) أقمنا ولو كان القيام على الجمر قال الراوي: فلما توطأ الأمر لأبي بكر، بعث خالد بن الوليد في جيش وقال له: وقد علمت ما قال ابن نويرة في المسجد على رؤس الأشهاد وما أنشد من شعره، ولسنا نأمن أن ينفتق علينا منه فتق لا يلتأم، والرأي أنك تخدعه وتقتله وتقتل من كان يبارزك دونه، وتسبي حريمهم فإنهم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة.
فسار خالد إليهم، فلما رأى مالك بن نويرة الجيش قد أقبل نحوه لبس لامة حربه واستوى على متن جواده، وكان مالك شجاعا من شجعان العرب يعد بمأة فارس، فلما رآه خالد قد برز، خاف منه وهابه وأعطاه العهود والمواثيق على الأمان، فلم يركن إليه، فحلف له بالأيمان المغلظة أنه لا يغدر به، فرجع مالك ونزع لامة حربه وأضافهم تلك الليلة.
فلما نام القوم دخل خالد بمن معه على مالك في بيته وقتله غدرا ودخل بامرأته في ليلته، وأخذ رأسه فوضع في قدر فيه لحم جزور لوليمة العرس، وأمر أصحابه بأكله، ثم سباهم وسماهم أهل الردة افتراء على الله وعلى رسوله (5).