ذلك وتزاحموا، فجعلوا يطأون سعدا من شدة الزحمة وهو بينهم على فراشه مريض، فقال: قتلتموني قال عمر: اقتلوا سعدا قتله الله، فوثب قيس بن سعد فأخذ بلحية عمر وقال: والله يا بن صهاك، الجبان في الحروب الفرار، الليث في الملاء والأمن، لو حركت منه شعرة ما رجعت وفي وجهك واضحة (4).
فقال أبو بكر: مهلا يا عمر، فإن الرفق أبلغ وأفضل، فقال: سعد: يا بن صهاك، وكانت جدة عمر حبشية، أما والله لو أن لي قوة على النهوض لسمعتما مني في سككها زئيرا يزعجك وأصحابك منها، ولألحقتكما بقوم كنتم فيهم أذنابا أذلاء تابعين غير متبوعين لقد اجترأتما يا آل الخزرج إحملوني من مكان الفتنة.
فحملوه فأدخلوه منزله، فلما كان بعد ذلك، بعث إليه أبو بكر أن قد بايع الناس فبايع، فقال: والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي، وأخضب سنان رمحي، وأضربكم بسيفي ما أقلت يدي فأقاتلكم بمن تبعني من أهل بيتي وعشيرتي وأيم الله لو اجتمع الجن والأنس علي ما بايعتكما أيها العاصيان " الغاصبان خ " حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي فلما جاءهم كلامه، قال عمر: لا بد من بيعته.
فقال بشير بن سعد: إنه قد أبى ولج وليس بمبايع أو يقتل، وليس بمقتول حتى يقتل معه الخزرج والأوس فاتركوه وليس تركه بضائر، فقبلوا قوله وتركوا سعدا وكان سعد لا يصلي بصلوتهم، ولا يقضي بقضائهم، ولو أجد أعوانا لصال بهم ولقاتلهم، فلم يزل كذلك في ولاية أبي بكر حتى هلك أبو بكر، ثم ولى عمر فكان كذلك، فخشي سعد غائلة عمر فخرج إلى الشام فمات بحوران (5) في ولاية عمر ولم يبايع أحدا، وكان سبب موته أن رمي بسهم في الليل فقتله وزعم أن الجن رموه (6).
وعن ابن عبد البر وابن حجر العسقلاني، أنهما قالا: إن سعدا لم يبايع أحدا