ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الإحصاء عددها ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها، وأستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأنار في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته، ابتدع الأشياء لا من شئ كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها إلى أن قالت سلام الله عليها:
أيها الناس: أعلموا أني فاطمة وأبي محمد صلى الله عليه وآله، أقول عودا وبدوا، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا، * (لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (28)، فإن تعزوه وتعرفوه: تجدوه أبي دون نسائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزي إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة (29) المشركين، ضاربا ثبجهم (30)، آخذا بأكظامهم (31)، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام وينكث الإلهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفري (32) الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق (33) الشياطين، وطاح وشيظ النفاق (34) وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهمتم بكلمة الإخلاص في