معاشر المهاجرين والأنصار، تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلتم: إن الأنبياء لا يورثون وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيئ وتصرف في ثمن الكراع والسلاح وأبواب الجهاد ومصالح الثغور، فأمضينا رأيكم ولم يمضه من يدعيه وهو ذا يبرق وعيدا ويرعد تهديدا إيلاء بحق نبيه أن يمضخها دما ذعاقا.
والله لقد استقلت منها فلم أقل، واستعزلتها عن نفسي فلم أعزل، كل ذلك احترازا من كراهية ابن أبي طالب وهربا من نزاعه، وما لي لابن أبي طالب هل نازعه أحد ففلج عليه؟.
فقال عمر: أبيت أن تقول إلا هكذا، فأنت ابن من لم يكن مقداما في الحروب، ولا سخيا في الجدوب، سبحان الله ما أهلع (20) فؤادك وأصغر نفسك!!!
صفيت لك سجالا (21) لتشربها، فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك، وأنخت لك رقاب العرب، وثبت لك إمارة أهل الإشارة والتدبير.
ولولا ذلك، لكان ابن أبي طالب قد صير عظامك رميما، فاحمد الله على ما قد وهب لك مني واشكره على ذلك، فإنه من رقى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان حقيقا عليه أن يحدث لله شكرا، وهذا علي بن أبي طالب، الصخرة الصماء التي لا ينفجر مائها إلا بعد كسرها، والحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقى، والشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلا مرا، قتل سادات قريش فأبادهم وألزم آخرهم العار ففضحهم فطب نفسا، فلا تغرنك صواعقه ولا يهولنك رواعده وبوارقه فإني أسد بابه قبل أن يسد بابك، فقال له أبو بكر:
ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك وتربيدك.
فوالله لو هم [ابن أبي طالب] بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، ما