قلبي وبلغ مني فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت، قال: فدنوت فأكلت، فقال لي:
حديثك، قلت: رأيت جلوازا (13) يضرب رأس امرأة يسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها: المستغاث بالله ورسوله، ولا يغيثها أحد قال عليه السلام: ولم فعل بها ذاك؟ قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة، فارتكب منها ما ارتكب، قال: فقطع عليه السلام الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع، ثم قال: يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله ونسئله خلاص هذه المرأة، الخ (14).
فإذا كان حال الصادق عليه السلام كذلك عند استماع واقعة جرت على امرأة من شيعة فاطمة عليها السلام فكيف يكون حاله عليه السلام إذا حكى هو ما جرى على أمه فاطمة عليها السلام؟ ويقول: ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقف أي كسر من اللطم.
ومما ذكرنا ظهر شدة مصيبة أمير المؤمنين عليه السلام وعظم صبره، بل يمكن أن يقال: إن بعض مصائبه أعظم مما يقابله من مصيبة ولده الحسين عليه السلام الذي يصغر عند مصيبته المصائب.
فقد ذكرت في كتابي المترجم بنفس المهموم في وقايع عاشوراء عن الطبري:
أنه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين عليه السلام يا ابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي؟ أحرقك الله بالنار.
قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن سبحان الله إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك