أحرقنا عليكم، فقالت: يا عمر أما تتقي الله عز وجل تدخل علي بيتي وتهجم علي داري؟ فأبى أن ينصرف، ثم دعى عمر بالنار فأضرمها في الباب، فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت: يا أبتاه يا رسول الله فرفع عمر السيف وهو في غمده، فوجأ به جنبها، فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: يا أبتاه، فوثب علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بتلابيب عمر، ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاه به من الصبر والطاعة.
فقال: " والذي كرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة، يا ابن صهاك لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي " فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط، فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله، فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلوات الله عليها من ذلك شهيدة (1).
أقول: وروي أيضا عن كتاب سليم، أنه أغرم عمر بن الخطاب في بعض سنين جميع عماله أنصاف أموالهم سوى قنفذ، قال سليم: انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان، وأبي ذر، والمقداد ومحمد بن أبي بكر، وعمر بن أبي سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة فقال العباس لعلي عليه السلام: ما تري عمر منعه أن يغرم قنفذا كما غرم جميع عماله؟ فنظر علي عليه السلام إلى من حوله ثم إغرورقت عيناه، ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة عليها السلام بالسوط فماتت وإن في عضدها أثره كأنه الدملج (2).