مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٢
وقال: إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح، فقرأ ابن الكوا وهو خلفه * (ولقد (1) أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) * فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن، حتى فرغ من الآية، ثم عاد في قراءته ثم أعاد ابن الكوا الآية، فأنصت علي (عليه السلام) أيضا ثم قرأ فأعاد ابن الكوا، وأنصت علي (عليه السلام)، ثم قال له: * (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * ثم أتم السورة ثم ركع.
أقول: يظهر من هذا الحديث الصحيح خمسة أحكام:
أحدها: استحباب الانصات لقراءة القرآن مطلقا ولو كان السامع في حال الصلاة ولو كان القارئ غير إمام.
الثاني: إن هذا المقدار من السكوت لا ينافي الموالاة المعتبرة في الصلاة بين الآيات.
الثالث: جواز قراءة القرآن مطلقا في حال الصلاة.
الرابع: جواز إعلام الغير ومخاطبته وإفهامه بقراءة القرآن.
الخامس: عدم منافاة هذا المقدار من القراءة الموالاة المعتبرة وقد ظهر بما ذكرناه استحباب الانصات والاستماع لقراءة القرآن في كل حال ومكان وزمان من غير فرق بين خطبة الجمعة وصلاة الجماعة وخطبة صلاة العيدين وغيرها.
وأما قوله في الحديث: فرددت عليه فأبى أن يرخص لي القراءة الواجبة في الصلاة فإنه كان اتقاء عليه كما لا يخفى على من تتبع في أخبار الباب، مع أنا قد ذكرنا أن النهي عن القراءة لا يدل على حرمة التكلم بالذكر والتسبيح إذ لا دلالة للخاص على العام كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
وأما الروايات المصرحة بوجوب الانصات فهي إما محمولة على تأكد الاستحباب جمعا بينها وبين الأخبار الدالة على ذلك، نظير الأخبار المصرحة بوجوب غسل الجمعة أو على التقية لأن الوجوب مذهب العامة والرشد في خلافهم.
- وأما ما وقف عليه من الأخبار المشار إليها فهو ما حكاه المجلسي في البحار (2) عن خط بعض الأفاضل وهو عن جامع البزنطي عن جميل عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقرأ القرآن يجب على من يسمعه الانصات له والاستماع له قال (عليه السلام): نعم إذا قرئ

١ - سورة الزمر: ٦٥.
2 - البحار: 88 / 23 و ج 92 / 222 ح 7.
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»