ثم الموجبون اختلفوا فقال بعضهم يجب الإنصات والاستماع للخطبتين من حين شروع الخطيب إلى فراغه منهما. وقال بعضهم: يجب الإنصات والاستماع لأقل الواجب من الخطبتين، وبعضهم يجب الاستماع والانصات لمواعظ الخطبتين، والقول بالاستحباب، وطريق الاحتياط واضح سوي، وتفصيل الكلام خارج عن المرام في هذا المقام.
وأما الثالث: أعني وجوب الانصات أو استحبابه عند سماع قراءة الآيات، في مطلق الأوقات والحالات، وهو المقصود بالذكر في هذا المقام، لكونه غير مشروح كما هو حقه في كتب علمائنا الأعلام، فالمحكي عن كثير من فقهاء العامة القول بوجوب الانصات، والاستماع عند سماع القرآن مطلقا، وذهب الإمامية إلى نفي الوجوب وإثبات الاستحباب.
وحكي في كلام جمع منهم الإجماع على ذلك، وهو الحق.
وتوقف مولانا المجلسي - رحمه الله - في المسألة، حيث قال في صلاة البحار (1) بعد ذكر قوله تعالى (2) * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) * إن الآية بعمومها تدل على وجوب الاستماع، والسكوت عند قراءة كل قارئ في الصلاة وغيرها بناء على كون الأمر مطلقا أو أوامر القرآن للوجوب والمشهور الوجوب في قراءة الإمام، والاستحباب في غيره، مع أن ظاهر كثير من الأخبار المعتبرة الوجوب مطلقا إلا صحيحة زرارة:
- عن أبي جعفر (عليه السلام) (3) قال: وإن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأوليين وانصت لقراءته ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فإن الله عز وجل يقول للمؤمنين: * (وإذا قرئ القرآن) * يعني في الفريضة خلف الإمام * (فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون) * والأخيرتان تبع (4)