مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٧٠
للأوليين، ويمكن حمله على أنها نزلت في ذلك فلا ينافي عمومها لكن نقلوا الإجماع على عدم وجوب الانصات في غير قراءة الإمام.
وربما يؤيد ذلك بلزوم الحرج، والأمر بالقراءة خلف من لا يقتدى به، ويمكن دفع الحرج، بأنه إنما يلزم لترك الجماعة الشائع في هذا الزمان. وأما النوافل فكانوا يصلونها في البيوت، والأمر بها خلف من لا يقتدى به للضرورة، لا يوجب عدم وجوب الانصات في غيرها، مع أنه قد وردت الرواية فيها أيضا بالإنصات.
وبالجملة المسألة لا تخلو من إشكال، والأحوط رعاية الاحتياط، مهما أمكن. انتهى كلامه، رفع في الخلد مقامه، وستقف على ما يتوجه عليه بالنظر فيما نبينه لما ذهبنا إليه.
فنقول: مستندنا لنفي الوجوب الأصل بل الأصول مؤيدا بالإجماع المنقول، في كلام جمع من الفحول، والمراد بالأصول أصل البراءة عن وجوب الصمت والاستماع، وأصالة إباحة الكلام، واستصحاب العدم السابق على حال سماع القراءة مع ما في الحكم بالوجوب من الحرج على عامة المكلفين، المنفي في الدين بنص القرآن المبين.
هذا كله مضافا إلى الروايات المصرحة، أو الظاهرة في الندبية وعدم معلومية الوجوب، وظهوره بين الشيعة الإمامية، في المسألة التي تعم بها البلية، لكل عربية وعجمية، في كل غداة وعشية، ويوم وليلة، ولو كان ذلك واجبا لذكره العلماء في الرسائل العملية، ولأنكروا على من يتكلم حين قراءة غيره القرآن كإنكارهم على مرتكبي سائر المنكرات، ولو كان كذلك لشاع وذاع، وقرع الأسماع وملأ الأصقاع.
ودليل الاستحباب مطلقا الشهرة المحققة، والإجماع المنقول، بل حكي عن التنقيح الإجماع على استحباب الانصات، حتى للمأموم في الصلاة الجهرية خلف الإمام المرضي، وهذا لا ينافي ذهاب جمع من الأصحاب إلى حرمة القراءة حينئذ خلف الإمام لأن القراءة أخص من الكلام فعلى هذا يجوز أو يستحب التسبيح حينئذ دون القراءة فالاعتراض على التنقيح بأن التتبع يشهد بخلافه غير وارد، لأن التتبع يشهد بوجود القائلين بحرمة القراءة.
وأما المصرح بحرمة التسبيح فلم نعثر عليه، ولم يحكه المتعرض فتدبر وتحقيق الكلام في الفقه وكفى بذلك دليلا للاستحباب هذا مضافا إلى كون السكوت والاستماع تعظيما للقرآن، وتعظيمه تعظيم الخالق المنان.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»