الإمام يوم الجمعة، لأن عمدة أدلة الموجبين تنزيل الخطبتين منزلة الركعتين من الصلاة في بعض الروايات وإذا لم يثبت الوجوب في الصلاة لم يثبت فيهما، مضافا إلى ما يرد عليهم من المناقشات، التي ليس هنا محل ذكرها فتحصل من جميع ما ذكرناه عدم وجوب السكوت عند سماع قراءة القرآن في حال من الأحوال إلا إذا كان ترك السكوت توهينا له ولو صدر ذلك من أحد بقصد التوهين " العياذ بالله " فهو يوجب الكفر نعوذ بالله.
والغرض في المقام بيان حكم الكلام من حيث هو لو خلي وطبعه، مع قطع النظر عن الجهات الخارجية الطارئة.
وقد علم مما ذكرنا إمكان المناقشة في دلالة الأخبار الموجبة من جهة التأمل في معنى الإنصات لولا القرينة على إرادة السكوت منه كما أن القرينة في الكلام دلت على إرادة السكوت منه في صحيحة معاوية بن وهب، السابقة الحاكية لفعل أمير المؤمنين (عليه السلام).
الرابع أن قوله: يمكن دفع الحرج بأنه إنما يلزم لترك الجماعة الخ مدفوع بأن قراءة القرآن ليست منحصرة في الصلاة، ولا فرق بين المساجد والبيوت في تكليف المكلف، عند سماع قراءة القرآن، وإقامة الجماعة في الصلوات اليومية سنة عند الشيعة لا فريضة وإلزام القارئين للقرآن في النوافل وغيرها بالإخفات في القراءة مع أنه حرجي لم يقل به أحد وإيجاب السكوت عند السماع في كل حال يوجب الحرج بلا شبهة ولا إشكال وقد تبين بما بيناه لك حقيقة الحال في هذا المجال وأن الحق استحباب السكوت عند سماع القراءة.
وأما الاستماع، فهو أيضا مستحب مؤكد وتقرير الدليل فيه كسابقه أصلا ورواية فارجع إليها، وتدبر فيها بل يمكن أن يقال إن السكوت إنما أمر به ليحصل الاستماع فهو يلازم السكوت دائما أو غالبا فالحكم بوجوب الاستماع واستحباب السكوت بعيد جدا.
هذا ويمكن أن يقال لو فرضنا كون الانصات في الآية الشريفة بمعنى السكوت كان الأمر به للاستحباب وكذلك الأمر بالاستماع بقرينة تعليل الإمام في صحيحة زرارة المروية في الفقيه الذي حكاه المجلسي رحمه الله تعالى في كلامه السابق فإنه بعد النهي عن القراءة خلف الإمام في الأوليين، والأمر بالإنصات والنهي عن القراءة في الأخيرتين أيضا، علل ذلك بقوله تعالى * (فاستمعوا له وأنصتوا) * ثم قال (عليه السلام): والأخيرتان تبع للأوليين.
ومنه ينقدح اتحاد الحكم من حيث القراءة في الأوليين والأخريين ولما تبين جواز