مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٨
ذلك فتلك الأخبار مخصوصة بغير تلك الموارد أو بأحوال عامة الخلق، فإن غالب كلامهم إنما هو فيما لا يعنيهم، أو هو مقصور على المباحات إلى آخر كلامه.
أقول: وأنت بعد التأمل فيما بيناه تعرف أنه لا حاجة إلى هذه التوجيهات ولا داعي إلى صرف الكلام عن ظاهره، ويتضح لك ما في كلامه زيد في علو مقامه وكأنه لكثرة اشغاله لم يعط النظر في حديث حقه بكماله.
إيقاظ وإرشاد قد عرفت أن مقتضى الأخبار المروية عن البررة الكرام المؤيدة بحكم العقل السالم عن شوائب الأوهام رجحان السكوت، من حيث هو على الكلام، ولكنه قد يكون معروضا لسائر الأحكام، بسبب ورود الأمر به، أو النهي عنه من الشارع وكذا الكلام في حكم الكلام، بحسب توجه الأمر به، أو النهي عنه في كل مقام وهذا غير خفي على العلماء الكرام وإنما الغرض هنا بيان مسألة يكثر بها ابتلاء الأنام ولم أر من تعرض لها وحققها بما هو الحق الحقيق في هذا المقام وهي أنه هل يجب الاستماع والسكوت عند سماع قراءة القرآن أم لا؟ فنقول إن في هذه المسألة مباحث ثلاثة:
الأول: في حكم المسألة في صلاة الجماعة.
الثاني: في حكمها حال اشتغال الإمام خطبة صلاة الجمعة.
الثالث: في حكمها عند سماع قراءة القرآن في سائر الأوقات والحالات.
أما الأول: فقيل: يجب على المأموم المقتدي بالإمام المرضي في الصلاة الجهرية الاستماع والإنصات لقراءته إذا سمع قراءته وقيل بالاستحباب، والذي جاءت به الروايات هو النهي عن القراءة في تلك الحالة.
وأما وجوب السكوت حتى عن التسبيح والذكر، فلم أعثر له على دليل بل الدليل على خلافه في الأخبار موجود، وتفصيل القول حققناه في الفقه.
وأما الثاني: فقيل بوجوب الصمت والاستماع على الحاضرين، وقيل على المؤتمين، وقيل: على العدد الذين ينعقد بهم الجمعة وقيل على السامعين من المؤتمين وقيل بالاستحباب.
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»