المراد بالإنصات في الآية الشريفة غير معلوم.
فقد حكى النيسابوري في تفسيره عن الواحدي أنه قال الانصات هو ترك الجهر عند العرب وإن كان يقرأ في نفسه إذا لم يسمع أحد، وعلى هذا يكون الدليل مجملا لتردد المراد بين السكوت وترك الجهر، ولا شاهد لكون السكوت هو المعنى الحقيقي، كي يكون الأصل حمل اللفظ عليه فالمرجع حينئذ أصل البراءة عن الوجوب ودعوى تبادر السكوت من الانصات لو قيل دعوى بلا دليل.
ومن هنا يمكن منع وجوب السكوت على المأموم المقتدي بالإمام المرضي في الصلاة الجهرية حال القراءة أيضا ويؤيده الإجماع المحكي عن التنقيح، بل يدل على عدم الوجوب عدة روايات:
- منها صحيحة أبي المغراء (1) قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله حفص الكلبي فقال أكون خلف الإمام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ؟ قال: نعم فادع. والحمل على ما قبل شروع الإمام في القراءة أو على ما إذا لم يسمع المأموم قراءته غير سديد، لعدم معارض صالح يوجب حمل الصحيحة على خلاف الظاهر.
- ومنها (2) صحيحة زرارة، عن أحدهما قال: إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت، وسبح في نفسك.
وهذا يدل على أن المراد بالإنصات في الآية والصحيحة المذكورة في كلام المجلسي رحمه الله تعالى ترك الجهر وإلا لم يأمر بالتسبيح في نفسه، وحمله على الذكر القلبي فقط مضافا إلى بعده لا داعي إليه ولا شاهد له.
- ومنها (3) رواية أبي خديجة سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوليين وعلى الذين خلفك أن يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام، الخبر.
والأخبار الناهية عن القراءة خلف الإمام لا دلالة فيها على منع الكلام مطلقا حتى الذكر والتسبيح والدعاء ومن ذلك كله يظهر عدم وجوب السكوت على المؤتمين حال خطبة