مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣١٥
الشرائط أو عدمها من الأمور الخفية عن العباد، فلو أخبرهم الأئمة (عليهم السلام) بوقت ثم تأخر لأجل بعض الأسباب والحكم ارتاب كثير من الخلق، لكون ذلك خلفا لميعاد الله تعالى شأنه، في إنظارهم أو تطرق الشكوك والشبهات في قلوبهم.
- وإلى هذا الوجه أشار مولانا أبو جعفر الباقر (عليه السلام) في الحديث المروي في الكافي (1) وغيره، عن فضيل بن يسار، قال: قلت: لهذا الأمر وقت؟ فقال (عليه السلام): كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون إن موسى (عليه السلام) لما خرج وافدا إلى ربه، واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاد الله على الثلاثين عشرا قال قومه قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا فإذا حدثناكم الحديث، فجاء على ما حدثناكم [به]، فقولوا: صدق الله وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين.
أقول: يحتمل أن يكونوا مأجورين مرتين، مرة لإيمانهم، وأخرى لصبرهم وتحمل غير ذلك والله العالم.
تنبيه المراد بالبداء ظهور تقدير شئ على العباد بعد خفائه عنهم، لحكم إلهية، ومصالح ربانية وهو عالم بما يخفى وما يبدو، وقد اشتبه معنى البداء على العامة فأنكروه زعما منهم لزوم الجهل على الله تعالى شأنه وقد تقدم منا في ذكر المكرمة الثانية والعشرين من الباب الخامس ما ينفعك فراجع.
تتميم وتبيين إعلم أن الوجوه الثلاثة الأول من الوجوه التي استفدناها من كلمات أئمتنا الأبرار (عليهم السلام) قد أوضحت سر إخفاء العلم بوقت ظهوره (عليه السلام) مطلقا، أعني الوقت الحتمي والبدائي فإنها حكم ومصالح تقتضي ستر كلا الوقتين عن الناس، كما لا يخفى على من له خبرة واستئناس.
وأما الوجه الرابع فهو ناظر إلى سر إخفاء الوقت البدائي عنهم فقط إذ لو أخبروا به ثم اقتضت الحكمة التأخير عنه إلى وقت آخر لارتاب أكثر الناس، ودخل في صدورهم

١ - الكافي ج ١ ص ٣٦٨ باب كراهية التوقيت ح 5.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»