مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣١٢
- وفيه (1) في حديث آخر عنه (عليه السلام) قال: إن حديثنا صعب مستصعب شريف كريم ذكوان زكي، وعر لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن ممتحن قلت فمن يحتمله جعلت فداك؟
قال (عليه السلام): من شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت فظننت أن لله عبادا هم أفضل من هؤلاء الثلاثة.
- وفي الكافي (2) عن بعض أصحابنا، قال: كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) جعلت فداك، ما معنى قول الصادق (عليه السلام) حديثنا (صعب مستصعب)، لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان فجاء الجواب إنما معنى قول الصادق (عليه السلام) - أي: لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن - أن الملك لا يحتمله حتى يخرج إلى ملك غيره، والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره، والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جدي (عليه السلام).
الوجه الثاني: إن الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون المؤمنون في جميع الأزمان منتظرين لظهور مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) كما يرشد إليه قوله تعالى * (فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين) * ويدل عليه الأخبار الكثيرة، التي قدمناها في بحث الانتظار فلو علموا وقت ظهوره انتقض الغرض، ويئسوا عن ظهوره قبل بلوغ الأمد وحضور الوقت المعين وفي ذلك تفويت لمصالح عديدة فستر عنهم وقت ظهوره قبل حضور وقته رعاية لتلك المصالح.
- وهذا الوجه يستفاد مما روي في الكافي (3) وغيره من كتب الأخبار، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): الشيعة تربى بالأماني منذ مأتي سنة قال: وقال يقطين لابنه علي: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن قال: فقال له على أن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد غير أن أمركم حضر فأعطيتم محضه وكان كما قيل لكم وإن أمرنا لم يحضر فعللنا بالأماني فلو قيل لنا: إن هذا الأمر لا يكون إلى مأتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامة الناس عن الإسلام ولكن قالوا ما أسرعه وما

١ - البصائر: ٢٢ باب ١١ ذيل ح ١٠.
٢ - أصول الكافي: ١ / ٤٠١ باب أن حديثهم صعب مستصعب ح ٤.
٣ - أصول الكافي: ١ / 369 باب كراهية التوقيت ح 6.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»