مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣١١
ثم قال: إذا جهزت الألوف، وصفت الصفوف، وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثم يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله يظهر بين الركنين في دريسين باليين، يظهر على الثقلين ولا يترك في الأرض الأدنين طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه وشهد أيامه، انتهى.
الأمر الثاني: قد ظهر من جميع ما قدمناه أن العلم بوقت ظهور مولانا صاحب الأمر (عليه السلام) من أسرار الله، التي سترها عن خلقه، ولم يظهرها لهم، وهو العالم بوجه ذلك، ورسوله وحججه (عليهم السلام) لكن الذي استفدناه من كلماتهم وجوه:
أحدها أن العباد لا يقدرون على تحمله والصبر على كتمانه وهذا الوجه يستفاد من روايتي أبي حمزة وأبي بصير السابقتين، وبيان ذلك أن المؤمنين على طبقات مختلفة:
فمنهم من لا يقدر على تحمل الأسرار لضعف إيمانه، فهو لا يحتمل العلم بها، بل لو ذكر له بعض الأسرار سبق إلى قلبه بعض الشكوك والشبهات، بسبب عدم طاقته، وضعف إيمانه:
- كما ورد في بيان مراتب الإيمان، أنه لو حمل على صاحب الاثنين الثلاثة، لا نكسر كما تنكسر البيضة على الصفا.
- وورد لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، إلى غير ذلك.
ومنهم من يكون إيمانه قويا، ويقينه ثابتا، ويقدر على احتمال بعض الأسرار، ولا يدخله خلل في ذلك. لكن لا طاقة له بالصبر على طول الزمان، فلو عين له الوقت من أول الأمر، وقيل له إن الحجة (عليه السلام) لا يظهر مثلا إلى ألف سنة، لمات حزنا على طول المدة، أو عرضه المرض والشدة، فالمصلحة في إخفاء الوقت عن هذا أيضا.
ومنهم من يكون أقوى منه، ولكن لا صبر له على كتمانه فإذا أخبر بالسر أذاعه وأفشاه فالمصلحة في إخفاء السر عنه أيضا ولعله ينظر إلى ما ذكرناه بتأييد الله تعالى وبركة أوليائه (عليهم السلام).
- ما روى في البصائر (1) بإسناده عن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
إن من حديثنا ما لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد مؤمن قلت فمن يحتمله؟
قال (عليه السلام): نحن نحتمله.

1 - البصائر: 23 باب 11 ذيل ح 11.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»