مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٣١٣
أقربه! تألفا لقلوب الناس، وتقريبا للفرج.
تبيين الذي يقوي في نفسي لمعنى قوله (عليه السلام): إن الشيعة تربي بالأماني منذ مأتي سنة إنه لما عظم المصاب بشهادة الحسين (عليه السلام) واشتد جزع الأحباب لذلك كان الأئمة (عليهم السلام) يمنونهم ويسلونهم بظهور الفرج بظهور القائم - عجل الله تعالى فرجه - وكانت المدة بين قتل مولانا المظلوم إلى إمامة القائم (عليه السلام) مأتي سنة، وقيل في معناه وجوه لا تخلو عن بعد وتكلف والله تعالى هو العالم ويحتمل أن يكون ابتداء المدة المذكورة من زمن البعثة، فتكون إلى وقت صدور هذا الحديث قريبا من مأتين.
قال بعض أصحابنا، ويمكن تأييده بأن المؤمنين كانوا من أول زمان البعثة في المحنة والشدة، وكذا بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمان أمير المؤمنين والحسن (عليهما السلام) وكل منهم كانوا يسلون شيعتهم بظهور الفرج، وسلطنة القائم (عليه السلام)، والله العالم.
الوجه الثالث: في سر إخفاء العلم بوقت الظهور عن الناس إنه لما كان أحد الحكم المقتضية للغيبة تمحيص الناس وامتحانهم، اقتضت هذه الحكمة إخفاء العلم بوقت ظهور الحجة (عليه السلام) عنهم وإلا لم يتم التمحيص والامتحان لكثير ممن يظهر الإيمان حتى يتبين المستعجلون عن غيرهم وهذا الوجه يستفاد من الأخبار الكثيرة التي علل فيها غيبة القائم بذلك، وقد ذكرنا بعضها في هذا الكتاب ومنها..
- في النعماني (1) عن عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق قلت: جعلت فداك كم مع القائم (عليه السلام) من العرب؟
قال (عليه السلام): شئ يسير.
فقلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير فقال (عليه السلام) لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا، ويخرج من الغربال خلق كثير وفي حديث آخر عن أبي بصير مثله.
- وفيه (2) عن الحسن بن علي (3) قال: لا يكون الأمر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم

1 - غيبة النعماني: 109 باب التمحيص.
2 - النعماني: 109 باب التمحيص.
3 - في نسخة: الحسين.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»