أتم عليهم الحجة وأوضح لهم المحجة بالعقل والنقل فبين لهم صدق أئمتهم وتمامية حجتهم، بحيث لا يبقى لأحد عذر في تطرق الشبهة والتورط في الحيرة لكنه من عليهم نظرا إلى شأن أئمتهم ورعاية أضعفهم وقلة عدتهم فزوى عنهم الأخبار بوقت علم تأخير الظهور عنه، لحكمة ومصلحة لطفا بهم وتفضلا وشفقة عليهم، ومرحمة وإحسانا إليهم، كيلا يقعوا في الحيرة، ولا تختلج في صدورهم شبهة.
ومما ذكرنا - ولله الحمد وله المنة - تبين السر في كتمان العلم بوقت ظهور الإمام (عليه السلام) عن سائر الأنام من الخاص والعام سواء كان حتميا أم بدائيا وعليك بإمعان النظر فيما ذكرناه والتأمل التام فإنه مأخوذ من كلمات الأئمة البررة الكرام، أسكننا الله تعالى في جوارهم في دار السلام.
الأمر الثالث: الظاهر من العمومات المتكثرة الواردة في الروايات المتضافرة الدالة على أن الأئمة (عليهم السلام) عالمون بما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وما ورد في وصف الإمام بأنه عالم لا يجهل وما ورد من أن علم كل شئ في القرآن لقوله تعالى * (فيه تبيان كل شئ) * وأن الإمام يستخرجه منه، وقوله تعالى * (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) *.
وقوله عز وجل (1) * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) * وهم الأئمة كما في الرواية، وقوله عز وجل (2) * (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) * وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) كما ورد عنهم بضميمة ما دل على أنهم في العلم والشجاعة سواء وأن ما علمه أمير المؤمنين (عليه السلام) علمه من بعده من الأئمة.
- وهكذا قول الصادق (عليه السلام): إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول: لا أدري.
- وقول أبي جعفر (عليه السلام): إن من علم ما أوتينا تفسير القرآن وأحكامه وعلم تغير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم، ولو أسمع من لم يسمع لولي معرضا كأن لم يسمع ثم أمسك هنيئة ثم قال: ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا، والله المستعان.
وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة المروية في البصائر والكافي وغيرهما: إن الإمام (عليه السلام) يعلم وقت ظهوره، لكنه لم يؤذن بإظهاره كما أن الأئمة الماضين لم يؤذنوا بإظهاره لأن