وهي تدل على أنه لو صدر عنهم (عليهم السلام) كلام يخالف بظاهره سائر أحاديثهم أو يتوهم من ظاهره الكذب أو نحو ذلك فإنهم لم يريدوا ظاهره، ولهم المخرج منه فيجب علينا تصديقهم وإرجاع العلم به إليهم.
فربما ينكرون شيئا بحسب بعض الحكم والمصالح، والتقية من بعض الحاضرين وفي كلامهم تورية أو وجه من الوجوه لا نعرفها وهم العالمون بها وأنت إن كنت من أهل التتبع والممارسة في كلماتهم وقفت على شواهد متكثرة لصحة ما ذكرناه بعون الله تعالى وبركة أوليائه.
- ومن جملة تلك الشواهد، ما في الكافي (1) وغيره عن سدير قال: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) إذ خرج إلينا وهو مغضب فلما أخذ مجلسه قال: وا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل لقد هممت بضرب جاريتي فلانة فهربت مني، فما علمت في أي بيوت الدار هي.
قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله، دخلت أنا وأبو بصير وميسر، وقلنا له جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا، ولا ننسبك إلى علم الغيب قال: فقال: يا سدير ألم تقرأ القرآن؟
قلت: بلى.
قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل * (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) *.
قال قلت جعلت فداك قد قرأته.
قال (عليه السلام): فهل عرفت الرجل وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟
قال قلت: أخبرني به.
قال (عليه السلام): قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب.
قال قلت: جعلت فداك ما أقل هذا.
فقال (عليه السلام): يا سدير، ما أكثر هذا أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به.
يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا * (قل كفى بالله شهيدا بيني