مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢١٥
فقد تولى عن الله.
- ويدل على عدم جوازه مضافا إلى ما عرفت من كونه من خصائص الإمام، وكون أمور الشرع توقيفية ما روي في البحار (1) ومرآة الأنوار عن المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم (عليه السلام) فبيعة كفر ونفاق وخديعة، لعن الله المبايع بها (2) والمبايع له، الحديث.
وهذا كما ترى صريح في عدم جواز مبايعة غير الإمام، من غير فرق بين كون المبايع له فقيها أو غير فقيه ومن غير فرق بين أن تكون البيعة لنفسه أو بعنوان النيابة عن الإمام (عليه السلام).
ويؤيد ما ذكرنا من كون المبايعة بالمعنى المذكور من خصائص الإمام ولوازم رياسته العامة وولايته المطلقة وعدم جوازه لغيره أمور:
منها: إنه لم يعهد ولم ينقل في زمان أحد من الأئمة (عليهم السلام) تداول المبايعة بين أصحابهم وكذا سائر المؤمنين الموجودين في زمانهم.
ومنها: إنه لم يرد منهم (عليهم السلام) إذن في مبايعة غيرهم من أصحابهم بنيابتهم.
ومنها: عدم معهودية ذلك في ألسنة العلماء ولا في كتبهم ولم ينقل في آدابهم وأحوالهم وأفعالهم بل لم يكن معهودا في سائر المؤمنين من زمن الأئمة (عليهم السلام) إلى زماننا أن يبايعوا أحدا بعنوان أن بيعته بيعة الإمام (عليه السلام).
ومنها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أراد أن يأخذ البيعة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ورأى أنه يعسر على جميع المؤمنين أن يصافقوه بيده أمرهم بإظهار العهد والبيعة بألسنتهم ولم يأمرهم بأن يصافقوا غيره من صالحي أصحابه وخواصهم نيابة عنه مع أنه كان ذلك ممكنا والحديث مذكور في كتاب الاحتجاج (3) للشيخ الطبرسي (رضي الله عنه) من أراده فليطلبه هناك.
ومنها: إنه لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة، وبايع الرجال جاءته المؤمنات لمبايعته، فقال:
إني لا أصافح النساء، فدعا بقدح من ماء، فأدخل يده ثم أخرجها فقال أدخلن أيديكن في هذا الماء، فهي البيعة. وهذا الحديث وغيره بمضمونه مذكور في الكافي والبرهان وغيرهما ووجه التأييد والاستشهاد أنه (صلى الله عليه وآله) لم يأذن لهن في مصافقة امرأة من المؤمنات الصالحات،

١ - البحار: ٥٣ / ٨.
٢ - في نسخة: لها.
٣ - الاحتجاج: ١ / ٦٦ حديث الغدير.
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»