مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٢٢٠
الثاني: ما دل الدليل على اشتراك الحاضرين والغائبين والموجودين في زمانه والذين يأتون بعده فيه كوجوب الصلوات المفروضات واستحباب الصلوات المسنونات ووجوب الزكاة والحج وغيرها من الواجبات والسنن، وحرمة المحرمات وكثير من الأحكام التي دل الدليل على اشتراك الجميع فيها.
الثالث: ما دل الدليل على اختصاصه بالحاضرين في زمانهم كوجوب الجهاد ووجوب صلاة العيدين ووجوب صلاة الجمعة عينا وغيرها.
الرابع: ما أمر به في واقعة أو مورد يحتمل اختصاص ذلك الحكم بخصوص ذاك المورد وتعلق التكليف بخصوص الحاضرين في ذاك الزمان، لعدم قيام دليل على شموله للغائبين وتعدية الحكم إلى غير ذاك المورد كما في جملة من الأحكام التي وردت للرجل مثلا فتعديتها إلى غيره مما لا دليل له وكما في مسألة البيعة التي أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بها الحاضرين لو فرضنا عدم الدليل على اختصاصها بالحاضرين وأغمضنا عما ذكرنا من الدليل على الاختصاص فرضنا والمرجع في هذه المسألة وأمثالها أصل البراءة لا أصل الاشتراك في التكليف لأن التكليف المشكوك منفي بالأصل عقلا وشرعا.
فالتمسك بأصالة الاشتراك في التكليف كما صدر من هذا القائل لا حجة له كما لا يخفى على أهل التحقيق بل يمكن أن يقال لو سلمنا أصالة الاشتراك حتى في مثل هذا المقام لم يك ناهضا لإثبات استحباب البيعة، بنحو المصافقة في زمان الغيبة لأن جميع ما له دخل في توجه الخطاب يجب أن يكون موجودا في غير الحاضر وقت الخطاب حتى يثبت توجهه إليه أيضا بأصالة الاشتراك، على مذاق هذا القائل وهذا غير ممكن فيما نحن فيه لأن المفروض وجوب مبايعة الحاضرين مع النبي والوصي (عليهما السلام).
وذلك في حق الغائبين مثل أهل هذا الزمان - مثلا - سالبة بانتفاء الموضوع فلا يمكن تكليفهم بذلك. وأيضا لا يثبت تكليفهم بذلك لوجه آخر، وهو أن النبي قد أمر الحاضرين في زمانه بالمصافقة في وقائع خاصة، وزمان مخصوص فلا يثبت تكليف الحاضرين بذلك الأمر بعد خروج ذاك الوقت، ومضي تلك الواقعة، فضلا عن المعدومين في زمانه.
وذلك لأنا قد أثبتنا في محله أن القضاء بأمر جديد، وإن الأمر بشئ في وقت معين لا يقتضي وجوبه بعد انقضاء ذلك الوقت إلا أن يقوم دليل آخر عليه والمفروض هنا العدم.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»