بغير عنوان التشريع، كان قد فعل مباحا، وإن أتى به بعنوان أنه من الشرع وجوبا أو استحبابا فهو بدعة محرمة وما نحن فيه من هذا القبيل لأن مبايعة غير النبي والإمام على نحو المصافقة مما لم يرد فيه عنهم (عليهم السلام) أمر أصلا بل ورد عنهم النهي كما عرفت فهي بدعة محرمة.
فإن قلت: يمكن أن يأتي بهذا الفعل رجاء كي يتخلص من حرمة التشريع.
قلت: أولا بعد ما أثبتنا كون ذلك من خصائص النبي والإمام وبينا ورود النهي عن هذا الفعل عنهم (عليهم السلام) فلا مجال لرجاء المطلوبية واحتمال المحبوبية.
وثانيا: لو أغمضناه عن ذلك كله، وفرضنا عدم الاختصاص، وعدم ورود النهي قلنا: إن موضوع إخبار من بلغه ثواب على عمل فعمله رجاء ذلك الثواب هو أن يرد في فعل من الأفعال حديث عنهم في فضله وثوابه بحسب الطرق المتعارفة ويأتي به المؤمن رجاء ذلك الثواب نظرا إلى بلوغ الخبر عنهم فإن كان في الواقع غير صادر عنهم، وأتى به المؤمن رجاء، آتاه الله تعالى ذلك الثواب فضلا وإحسانا.
فنقول لهذا القائل: أي خبر ضعيف دل على رجحان مبايعة غير الإمام (عليه السلام)؟ أم أي فقيه أفتى باستحبابه؟ أم أي عالم احتمل رجحان ذلك رجاء ثوابه مع أن هذا القائل اعترف في أول كلامه كما عرفت، بأنه لم يقف على أحد من العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين ذكر ذلك، نسأل الله تعالى العصمة من الزلة، بمنه وكرمه.
وأما مسألة أصالة الاشتراك في التكليف فنقول بعون الله تعالى وتأييده: إن مقتضى الأدلة بل هو من الضروريات التي يعرفها أهل الملة المحمدية (صلى الله عليه وآله)، أن شريعته باقية إلى يوم القيامة، وجميع الناس من زمن بعثته إلى يوم القيامة مكلفون باتباع شريعته، وموافقة أوامره ونواهيه وأحكامه، وهذا مقتضى خاتميته، وصريح كتاب الله العزيز في آيات عديدة، لكن لا ريب ولا خفاء في أن الأحكام تتفاوت موضوعاتها وشروطها، وفي كل واقعة حكم، من الله عز وجل.
وملخص القول في ذلك أن الأحكام والأفعال الصادرة عنه (صلى الله عليه وآله) على أربعة أقسام:
الأول: ما دل الدليل على اختصاصه بنفسه الشريفة كوجوب صلاة الوتر وما ذكره الفقهاء في كتاب النكاح من خصائصه (صلى الله عليه وآله).