مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٢
أجمعين في جميع العوالم.
والثالث: أن الله تعالى خلق محمدا وآله صلوات الله عليهم أجمعين، وجعله واسطة في جميع الفيوضات والإفاضات، كما يدل على ذلك عبارات الزيارة الجامعة مضافا إلى سائر الأخبار المتضافرة، بحيث لا يصل فيض إلى شئ، إلا ببركتهم ووساطتهم، وحيث إن أعلى أنواع الفيض هو الوجود، فقد أوجد الله عز وجل جميع من سواهم ببركتهم ولولا ذلك لما أوجد الله تعالى أحدا.
- ويحتمل أن يكون هذا أيضا معنى قول الصادق (عليه السلام)، في الحديث المعروف المروي في أصول الكافي (1): خلق الله المشيئة بنفسها، ثم خلق الأشياء بالمشيئة، بأن يكون المراد بالمشيئة الحقيقة المحمدية: فإن وجوده (صلى الله عليه وآله) مطلوب بنفسه وبالأصالة، وخلق الله سائر المخلوقات ببركته ووساطته.
واعلم أن هذه المعاني التسعة التي ذكرناها بناء على كون المراد بالأمانة: الأمانة الإلهية، يعني أن الله تعالى جعلهم أمانة عند خلقه، وتعدد المعاني إنما نشأ من تعدد أصناف الحفظ والمحفوظية، وهذا ليس من قبيل استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد لأن الحفظ أمر كلي، تندرج فيه أصناف كثيرة، فمرجع جميع تلك المعاني أنهم (عليهم السلام) أمانة إلهية، حفظهم الله تعالى عز وجل بأنواع حفظه.
العاشر: أن يكون المراد بالأمانة الأمانة النبوية، يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) جعلهم أمانة عند أمته إلى يوم القيامة، وحفظها، وأمر بحفظها، وأوجب عليهم حفظها ورعايتها، بما يتمكنون منه أبدا.
- ويشهد لذلك الحديث المتفق عليه بين الفريقين إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي الخ.
وهذه الوجوه العشرة مما ألهمني الله تعالى ببركة العترة الطاهرة، جعلني الله معهم في الدنيا والآخرة.
الحادي عشر: ما ذكره بعض العلماء وهو أن يكون المراد بالأمانة الولاية الكلية، والمرتبة الرفيعة، التي جعلها الله تعالى لهم وخصهم بها كما ورد في عدة من الروايات، وهم حملتها،

١ - الكافي: ١ / 110 باب الإرادة وصفات الفعل ح 4.
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»