مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
فيكون التعبير عنهم بالأمانة مجازا بقرينة الحال والمحل.
الثاني عشر: ما احتمله بعض أصحابنا، وهو أن يكونوا هم المراد بالأمانة ويكون معنى المحفوظة، المحفوظة عن التغير والفناء الذي جعله لجميع الأشياء.
أقول: ويؤيد هذا الاحتمال قول الخالق المتعال * (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) *: بضميمة الأخبار المصرحة بأنهم وجه الله.
- منها: ما في البرهان (1) عن الكافي بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال: نحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم.
- وفيه (2) منه عن الصادق (عليه السلام) مسندا قال: إن الله خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سمائه وأرضه بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء، وينبت عشب الأرض وبعبادتنا عبد الله، ولولا نحن ما عبد الله.
أقول: قوله (عليه السلام) بعبادتنا عبد الله (الخ) يحتمل معنيين:
أحدهما: أن أحدا من الخلق لم يعبد الله عز وجل كما ينبغي مثل عبادتهم، لأن معرفتهم بالله تعالى أكمل من معرفة من سواهم، فكذا عبادتهم لأن كمال العبادة فرع كمال المعرفة فلولاهم ما عبد الله. وحاصل هذا المعنى حصر العبادة الكاملة لله تعالى في عبادتهم صلوات الله عليهم.
الثاني: أنهم (عليهم السلام) علموا العباد في جميع العوالم طريق الطاعة، وكيفية العبادة حتى إن الملائكة تعلموا منهم التسبيح والتهليل. كما مر في حديث نبوي (صلى الله عليه وآله) في الباب الثالث، فكان عبادتهم سبب لعبادة غيرهم، فبعبادتهم عبد الله، وبدلالتهم عرف الله.
- ويؤيد هذا المعنى ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد (3) عن الصادق أنه قال لابن أبي يعفور: يا بن أبي يعفور نحن حجة الله في عباده، وشهداؤه على خلقه وأمناؤه على

١ - تفسير البرهان: ٣ / ٢٤٠ ح ٣ ذيل الآية ٨٨ من القصص.
٢ - تفسير البرهان: ٣ / 240 / ح 4 ذيل آية 88 من القصص.
3 - كتاب التوحيد: 152 باب 12 ح 9.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»