مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٨٣
فقال هؤلاء أحق من قراباتي فأعطاهما إياهما ولم يدر بماذا يحتج في منزله.
فجعل يمشي رويدا يتفكر فيما يعتل به عندهم ويقول لهم ما فعل بالدرهم إذ لم يجئهم بشئ فبينا هو متحير في طريقه إذا بفيج يطلبه فدل عليه فأوصل إليه كتابا من مصر، وخمسمائة دينار في صرة وقال: هذه بقية حملته إليك، من مال ابن عمك مات بمصر، وخلف مئة ألف دينار على تجار مكة والمدينة، وعقارا كثيرا ومالا بمصر بأضعاف ذلك فأخذ الخمسمائة دينار، ووسع على عياله، ونام ليلته، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام) فقال:
كيف ترى إغناءنا لك بما آثرت قرابتنا على قرابتك.
ثم لم يبق بالمدينة ولا بمكة ممن عليه شئ من المائة ألف دينار إلا أتاه محمد وعلي (عليهما السلام) في منامه، وقالا له أما بكرت بالغداة على فلان بحقه من ميراث ابن عمه، وإلا بكرنا عليك بهلاكك واصطلامك، وإزالة نعمك، وإبانتك من حشمك. فأصبحوا كلهم وحملوا إلى الرجل ما عليهم، حتى حصل عنده مائة ألف دينار، وما ترك أحد بمصر ممن له عنده مال، إلا وأتاه محمد وعلي (عليهما السلام) في منامه، وأمراه أمر تهدد بتعجيل مال الرجل، أسرع مما يقدر عليه وأتى محمد وعلي هذا المؤثر لقرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه فقالا له كيف رأيت صنع الله بك؟ قد أمرنا من بمصر أن يعجل إليك مالك وأمرنا حاكمها أن يبيع عقارك وأملاكك ويستفيج إليك بأثمانها لتشتري بدلها من المدينة. قال: بلى.
فأتى محمد وعلي حاكم مصر في منامه، فأمراه ببيع عقاره والسفجة بثمنه إليه من تلك الأثمان ثلاثمائة ألف دينار فصار أغنى من بالمدينة، ثم أتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أبا عبد الله هذا جزاؤك في الدنيا على إيثار قرابتي على قرابتك، ولأعطينك في الآخرة بدل كل حبة من هذا المال في الجنة ألف قصر، أصغرها أكبر من الدنيا، مغز إبرة منها خير من الدنيا وما فيها.
الموضع الثالث: في بيان كون الدعاء صلة وإحسانا وتقريره: أن الإحسان والصلة يحصل بأمرين:
أحدهما: إيصال المنفعة إلى الغير.
الآخر: دفع المضرة عنه وهذان الأمران يحصلان بالدعاء.
أما الأول: فلأن من جملة المنافع العظيمة الجليلة الاحترام ولا شك في أن الدعاء نوع منه وأيضا فقد تقدم أن الدعاء بتعجيل ظهوره صلوات الله عليه بالشروط المقررة، يكون
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»