- وهؤلاء هم الذين وصفهم الصادق (عليه السلام) (1) بقوله: " الراوية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا، أفضل من ألف عابد "، وسنذكر جملة كافية من أخبار هذا الباب، في الباب الثامن من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
الثامن: أن يكون المراد بالمحفوظة، التي جعلها الله عز وجل في حفظه ورعايته فلا يقدر أحد من الخلق أن يخفض قدرهم، أو ينزلهم عن مراتبهم الخاصة، التي رتبهم الله تعالى فيها والشؤون والمقامات التي خصهم الله تعالى بها، فقد جهدت الجبابرة في إطفاء نورهم، وإخماد ذكرهم وأبى الله إلا أن يتم نوره.
والفرق بين هذا المعنى والمعنى الأول والرابع، أن المراد بالأول حفظها عن الانتفاء والانعدام، حين كانت مستودعة عند الأمهات الطاهرات، والآباء العظام، إذ قد عزم الأعداء والكهنة غير مرة على قتلهم، لأجل إعدام تلك الأمانة الإلهية، وبالرابع حفظها عن ألسنة المعاندين، والغاصبين لأن أئمتنا صلوات الله عليهم أجمعين، مع كثرة أعدائهم وغلبتهم في أطراف الأرض، لم يقدر أعداؤهم على أن ينسبوا إليهم سوءا، أو يجعلوا بأكاذيبهم لهم نقيصة.
نعم، قد كان جماعة من الناصبين لعنة الله عليهم أجمعين يسبونهم، ويشتمونهم ويلعنونهم من غير أن ينسبوهم إلى أمر شنيع، وهذا لا ينافي ما ذكرناه كما لا يخفى بل كان أعداؤهم يعترفون بفضلهم وجلالتهم، ويذعنون بعلو قدرهم ونبالتهم، كما اعترف الأول والثاني كرارا بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) وكذا معاوية، وكذا سائر الغاصبين بل كتب علمائهم