مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٥٩
الباب، لكان لأهل الضلال والإضلال أقوى إسناد وأوسع مجال فيؤولون ما ورد عن الأئمة (عليهم السلام) في ذكر العلامات على ما تشتهيه أنفسهم من التأويلات عصمنا الله تعالى وجميع المؤمنين عن جميع الزلات والخطيئات والتسويلات.
السادس: إن حمل المحتوم على ما فيه، نوع تأكيد وصرفه عن معناه الحقيقي السديد كما وقع في كلام هذا العالم الرشيد مما لا شاهد له ولا تأييد، والله على ما نقول شهيد.
كيف: ولو وجد له شاهدا لذكره في هذا المقام فإنه من مزال الأقدام والله تعالى هو العاصم وهو ولي الإنعام وإنما ذكرت هذه الجملة، لئلا يقع من يطلع على كتابنا في تلك الشبهة.
الأمر الثالث: مما يستفاد من الخبر المذكور، أن ظهور مولانا صاحب الزمان من الأمور القابلة للتقدم والتأخر، بسبب بعض الأسباب، وأن من جملة الأسباب المقتضية لتقدمه اهتمام المؤمنين في الدعاء له، وطلب تعجيل فرجه من الخالق القادر المتعال وقد قدمنا بعض ما يدل على ذلك، في حرف الغين المعجمة، من الباب الرابع فمن قصده فليراجع.
وربما يستبعد بعض من لا تحصيل له استباق وقوع الفرج، والظهور بسبب الاهتمام في هذا العمل المشكور، نظرا إلى عدم وقوع ظهوره إلى الآن، مع كثرة دعاء أهل الإيمان في كل مكان وزمان.
وهذا استبعاد ردئ، وكلام شخص غبي، إذ لا بعد في أن يكون لظهوره وقتان في علم الله سبحانه أحدهما أقرب، والآخر أبعد ويكون ظهوره في الزمان الأقرب مشروطا باهتمام المؤمنين وإكثارهم من الدعاء بتعجيل فرجه وتقريب ظهوره وهذا معنى كون ظهوره من الأمور البدائية، التي تقبل التقديم والتأخير ودلالة الروايات المروية عن الأئمة (عليهم السلام) على هذا المرام غير خفية على من كان له تتبع تام وهذا الوقت الأقرب لما يجيء إلى الآن فإنكار تأثير الدعاء مما يذوده البرهان لأنه قد دل على تأثيره صريح القرآن، في كل ما يكون تحققه في بقعة الإمكان وإمكان تقدم ظهور صاحب الزمان، وقربه بدعاء أهل الإيمان، مما دلت عليه الأحاديث المروية، عن أهل الذكر والتبيان.
المكرمة الثالثة والعشرون
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»