النبي (1)، وكان الفخر إسماعيل (2) هذا مقدم الحنابلة ببغداد في الفقه، والخلافة، ويشتغل بشئ في علم المنطق، وكان حلو العبارة، وقد رأيته انا وحضرت عنده، وسمعت كلامه، وتوفي سنة عشر وستمائة، قال ابن عالية (3):
ونحن عنده نتحدث إذ دخل شخص من الحنابلة، قد كان له دين على بعض أهل الكوفة، فانحدر إليه يطالبه به، فاتفق ان حضرت (4) زيارة يوم الغدير، والحنبلي المذكور في الكوفة، وهذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، ويجتمع بمشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) من الخلائق جموع عظيمة، يتجاوز حد الاحصار، قال ابن عالية (5): فجعل الشيخ الفخر يسأل ذلك الشخص ما رأيت، هل وصل مالك إليك وهل بقي لك منه بقية عند غريمك وذلك الشخص يجاوبه، حتى قال: يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير، لرأيت ما يجري عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح، والأقوال الشنيعة وسب الصحابة جهارا بأصوات مرتفعة غير مراقبة ولا خيفة، فقال:
إسماعيل اي ذنب لهم؟ والله ما جرأهم على ذلك، ولا فتح لهم هذا الباب الا صاحب ذلك القبر، فقال ذلك الشخص: ومن هو صاحب القبر؟ قال: علي بن أبي طالب، قال: يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك، وعلمهم إياه، وطرقهم إليه؟
قال: نعم والله، قال: يا سيدي فإن كان محقا فما لنا نتولى فلانا وفلانا، وإن كان مبطلا فما لنا نتولاه، ينبغي ان نبرأ منه (6)، أو منهما، قال ابن عالية (7): فقام إسماعيل مسرعا، فلبس نعليه، وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل (ابن الفاعل) إن كان يعرف جواب هذه المسألة، ودخل دار حرمه، وقمنا نحن وانصرفنا (8).