ويقول علي (عليه السلام): أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمر عليك (1).
الحادي عشر: ابن أبي الحديد - من أعيان المعتزلة - في شرح نهج البلاغة قال: قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي: قد ورد في الخبر الصحيح أنه كلف عليا في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة أن يصنع له طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام ودعاهم له، فخرجوا ذلك اليوم ولم ينذرهم (صلى الله عليه وآله) لكلمة قالها عمه أبو لهب وكلفه اليوم الثاني أن يصنع له مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم فأكلوا، ثم كلمهم (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال: أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك، فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة: هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمره عليك (2).
قال ابن أبي الحديد (رضي الله عنه): ويدل على أنه وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري) * وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فأثبت له جميع مراتب هارون ومنازله من موسى، فإذا هو وزير رسول الله وشاد أزره ولولا أنه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره (3).
وقد مضى من ذلك في أنه (عليه السلام) وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الباب الرابع عشر من هذا الكتاب في المقصد الأول.