فقلت له: كيف رأيت عقوبة ربك؟
فأومأ برأسه كالمعتذر وأمرت برده وهاهو ذا في البيت، ثم نادى وأمر بإخراجه فأخرج، وقد أخذ الغلام بإذنه فإذا أذناه كآذان الإنسان وهو في صورة الكلب فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه ويحرك بشفتيه كالمعتذر.
فقال الشافعي للرشيد: هذا مسخ ولست آمن أن يحل العذاب به فأمر بإخراجه عنا فأمر به فرد إلى البيت فما كان بأسرع من أن سمعنا وجبة وصيحة فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت البيت فصار رمادا وعجل الله بروحه إلى نار جهنم.
قال الواقدي فقلت للرشيد: يا أمير المؤمنين هذه معجزة وعظت بها فاتق الله في ذرية هذا الرجل.
قال الرشيد: أنا تائب إلى الله تعالى مما كان مني وأحسنت توبتي (1).
الخامس: قال عز الدين ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء المخالفين من المعتزلة: أعلم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لو فخر بنفسه وبالغ في تعديد مناقبه وفضائله بفصاحته التي آتاه الله إياها واختصه بها وساعده على ذلك فصحاء العرب كافة لم يبلغوا إلى معشار ما نطق به الرسول الصادق صلوات الله عليه في أمره ولست أعني الأخبار العامة الشائعة التي تحتج بها الإمامية على إمامته كخبر الغدير والمنزلة وقصة براءة وخبر المناجاة وقصة خيبر وخبر الدار بمكة في ابتداء الدعوة ونحو ذلك بل الأخبار الخاصة التي رواها أئمة الحديث التي لم يحصل أقل القليل منها لغيره، وأنا أذكر من ذلك شيئا يسيرا مما رواه علماء الحديث الذين لا يتهمون فيه وجلهم قائلون بتفضيل غيره عليه فروايتهم فضائله يوجب سكون النفس ما لا توجبه رواية غيرهم.
الخبر الأول: " يا علي إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها هي زينة الأبرار عند الله تعالى الزهد في الدنيا جعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا ولا ترزأ الدنيا منك شيئا ووهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما ".
رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه المعروف بحلية الأولياء وزاد فيه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في المسند فطوبى لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب فيك (2).
الخبر الثاني: قال لوفد ثقيف: " لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلا مني "، أو قال: " عديل نفسي (عليه السلام)