هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة فقعد ذات يوم وحضره الشافعي وكان هاشميا يقعد إلى جنبه، وحضر محمد بن الحسن وأبو يوسف فقعدا بين يديه وغص المجلس بأهله فيهم سبعون رجلا من أهل العلم كل منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع قال الواقدي، فدخلت في آخر الناس فقال الرشيد، لما تأخرت فقلت ما كان لإضاعة حق ولكني شغلت بشغل عاقني عما أحببت قال: فقربني حتى أجلسني بين يديه وقد خاض الناس في كل فن من العلم فقال الرشيد للشافعي: يا بن عمي كم تروي في فضائل علي بن أبي طالب؟
قال: أربعمائة حديث وأكثر.
فقال له: قل ولا تخف.
قال تبلغ خمسمائة وتزيد.
ثم قال لمحمد بن الحسن كم تروي يا كوفي من فضائله؟
قال: ألف حديث أو أكثر، فأقبل على أبي يوسف فقال: كم تروي أنت يا كوفي من فضائله أخبرني ولا تخش؟
قال: يا أمير المؤمنين لولا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى.
قال: مم تخاف؟
قال: منك ومن عمالك وأصحابك.
قال: أنت آمن فتكلم، وأخبرني كم فضيلة تروي فيه؟
قال: خمسة عشر ألف خبر مسند وخمسة عشر ألف حديث مرسل.
قال الواقدي: فأقبل علي فقال: ما تعرف في ذلك؟
فقلت: مثل مقالة أبي يوسف.
قال الرشيد: لكني أعرف له فضيلة رأيتها بعيني وسمعتها بأذني أجل من كل فضيلة تروونها أنتم وإني لتائب إلى الله تعالى مما كان مني من أمر الطالبية ونسلهم، فقلنا بأجمعنا: وفق الله أمير المؤمنين وأصلحه إن رأيت أن تخبرنا بما عندك.
قال: نعم وليت عاملي يوسف بن الحجاج دمشق وأمرته بالعدل في الرعية والإنصاف في القضية فاستعمل ما أمرته فرفع إليه أن الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم عليا (عليه السلام) في كل يوم وينقصه قال: فأحضره وسأله عن ذلك فأقر له بذلك.
فقال له: وما حملك على ما أنت عليه؟