إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٦٩
ولسنا نفضل بين أهل عصر الرسول على من جاء بعدهم في الأعصار المتأخرة فلا نفضل أهل الأعصار المتأخرة على من تقدمهم لكنا نفاضل بين أهل كل عصر بعضهم على بعض بما وصفنا من السبق إلى الإيمان دون أن يكونوا فاضلين على من تقدمهم ولا على من تأخرهم عنهم فهذا عمدة ما يتعلق به أهل؟؟؟ والضلالة مع ما فيه من الوضع والجهالة الظاهرة بما قررناه لك من الدلالة وأما الأحاديث الباقية فيتوجه عليها إن من البينان ليس المراد من لفظة أصحابي فيها جميع الأصحاب حتى الفاسق منهم قطعا كوليد بن عقبة ومعاوية وأضرابهم بل المراد الصلحاء الفضلاء الشرفاء منهم وإذا لزم التخصيص فلم لا يجوز أن يكون المراد منهم أصحابه من أهل بيته كما يدل عليه حديث لا تسبوا أصحابي فإنا لم نسمع أن أحدا كان يسب أصحاب النبي (ص) في زمان حياته وأما بعد حياته فإنما وقع السب من معاوية وساير أنسابه الملعونة لأهل بيت النبي (ص) ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي وأيضا تتمة هذا الحديث يوافق ما وقع صريحا في حق علي وفاطمة (ع) من أن بغضهم بغض النبي (ص) وإذائهما إيذاءه وقد مر وكذا ما نقله أبي بردة يوافق ما نقله المصنف سابقا في شأن أهل البيت (ع) عن مسند أحمد بن حنبل من قوله (ص) النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا وأهل بيتي أمان لأهل الدين فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض وكدا الحديث الذي رواه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب يمكن انطباقه على أهل البيت (ع) بحمل الجماعة المذكورة فيه عليهم (ع) ولعل الناصبة التابعين لسنة معاوية الداخلين في جماعته لما سموا أنفسهم أهل السنة وجماعة ووجدوا أنفسهم أكثر جموعا وأفرادا وأوفر عدادا وأعظم سوادا يدعون ظهور ذلك في أنفسهم ويتأيدون لذلك بما رووه من قوله (ص) عليكم بالسواد الأعظم وأنت خبير مما قررناه مرارا إن العقل والنقل شاهدان على بطلان ما زعموه وإن الشيعة وإن كانوا أقل جموعا وعددا لكنهم أكثر جامعية وعددا وكيف لا وحيث ارتد قوم موسى بقي هارون فيهم منفردا مع ظهور إنه كان على الحق والجماعة على الباطل ونقل الطيبي في شرح المشكاة عن سفيان الثوري في تفسير لفظ الجماعة الواقعة في بعض الأحاديث أنه قال لو أن فقيها على رأس جبل لكان هو الجماعة وأما ما ذكره الناصب بقوله من تأمل سيرتهم ووقف على مآثرهم وجدهم في الدين وبذلهم أموالهم وأنفسهم في نصرة رسول الله (ص) لا يتخالجه شك في عظم شأنهم وبرائتهم مما ينسب إليه المبطلون إلى آخره ففيه أن التأمل في مجرد ما وقع عنهم من بعض الآثار الحسنة في زمان استقامتهم لا يكفي في عدم اختلاج الشك في عظم شأنهم في جميع الأزمان ولو في زمان التبدل والارتداد فإن من تأمل في سيرة بني إسرائيل من أولاد الأنبياء المولودين على فطرة الإسلام وجدهم في نصرة نبيهم موسى في مقاتلة فرعون اللعين لا يشك في عظم شأنهم ذلك الوقت لكن لا يدعى براءتهم عما أخبر الله تعالى من ارتدادهم بعد ذلك واتباعهم للسامري وعبادتهم للعجل وقصدهم لقتل هارون (ع) وقد خبر النبي بأنه سيقع في أمتي كل ما وقع في الأمم السالفة حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة وفي رواية سيذكرها المصنف قدس سره عن الجمع بين الصحيحين لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لتتبعوهم وأما ما ذكره من أن المراد بما في حديث الحوض من الأصحاب الذين أحدثوا بعد النبي (ص) وبدلوا أهل الردة الذين ارتدوا بعد النبي (ص) وأنهم كانوا أصحابه في حياته ففيه ما مر نقلا عن ابن حزم وغيره من أصحاب الناصب المرتد من أن الذين منعوا أبا بكر عن أداء الزكاة إليه حتى سماهم بأهل الردة لم يكونوا مرتدين بل كانوا يدعون الردة على أبي بكر بارتكاب ما لا يستحقه من الخلافة والإمامة معللين امتناعهم عن أداء الزكاة إليه بذلك فمن أين يعلم أن أصحاب الحاضرين في المدينة الذين غلبت عليهم النفس الإمارة حتى غضبوا عن أهل بيت نبيهم الإمامة والإمارة أحق بالأمن أم هؤلاء الصحابة الساكنين في البادية القانعين بلبن البعير المريدين لإمام حق مستحق التقدم ؟؟؟ منقذ لهم عن نار السعير ولا فرق إلا في كون أكثر الأولين من قريش وكثر الآخرين من غير ذلك الجيش وقد عرفت أن مراد النبي (ص) من قوله الأئمة من قريش وأكثر الآخرين من غير ذلك الجيش وقد عرفت أن مراد النبي (ص) من قوله الأئمة من قريش بني هاشم لكن غلب عليهم الغادر الغاشم قال المصنف رفع الله درجته وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه في الحديث الستين من مسند عبد الله بن عباس (رض) عنه قال إن النبي (ص) قال ألا إنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد أن تعذبهم فإنهم عبادك قال فيقال لي فإنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد وقع التصريح في هذا الحديث على ما ذكرنا أن المراد منهم أرباب الارتداد الذين ارتدوا بعد رسول الله (ص) وقاتلهم أبو بكر الصديق انتهى وأقول من المعلوم أن من اتهمهم أبو بكر بالردة لامتناعهم عن أداء الزكاة إليه كانوا يؤذنون ويصلون ويتكلمون بالشهادتين ولهذا قال أبو بكر والله لو منعوني عقالا لقاتلتهم ولم يقل والله لو لم يتكلموا بالشهادتين أو لم يرجعوا إلى الإسلام لقاتلتهم لكنهم لما أنكروا خلافة أبي بكر امتنعوا عن أداء الزكاة إليه لا أنهم استحلوا منع الزكاة مطلقا ولهذا فرقها بنو خيف إلى فقرأ قومهم وأوفقها آخرون إلى تقررا من الخلافة على من يستحقها وعلى تقدير استحلالهم الزكاة كانوا قائلين بالشهادتين كما روي عنهم فإطلاق الردة عليهم لو صح كان باعتبار إنكارهم للزكاة التي هي من ضروريات الدين ولم لا يجوز أن يكون إطلاق الردة على الصحابة الغاصبين للخلافة المتظاهرين بالإسلام القائلين بالشهادتين أيضا باعتبار إنكارهم بعض ضروريات الدين وهو خلافة علي (ع) الثابت عندهم بالنص الجلي في يوم الغدير وغير كما مر آنفا ثم المتبادر من الأحداث في لا تدري ما أحدثوا بعدك ما يكون فعلا كغصب خلافة النبي (ص) وأخذ ميراثه وهضم أقدار أهل بيته وأكل مال فدك ظلما وجورا على فاطمة (ع) إلا ما يكون تركا كمنع الزكاة عن أبي بكر وأيضا قوله (ص) لم يزالوا مرتدين على أعقابهم يدل على طول مدة المرتدين واستمرارهم وهذا إنما يظهر في غاصبي الخلافة دون طوايف العرب الذين امتنعوا عن الزكاة فإن ذلك لم يمتد إلا إلى شهرين أو ثلاثة وأيضا قد اشترط في الصحابة خروجه عن الدنيا بالإيمان وقد خرج هؤلاء الذين امتنعوا عن الزكاة عن كونهم صحابيا لأنهم قتلوا بأمر أبي بكر وخرجوا عن الدنيا مرتدين في اعتقاد الناصبة والظاهر من إطلاق لفظ أصحابي في الحديث من كان معروفا بذلك عنده (ص) ومن لم يرتد ارتدادا يخرج به من الصحابية بل لم يتخلل الردة في إسلامه عند بعض المحدثين بل من روى الحديث عن النبي (ص) كما شرطه بعضهم بل من أقام عنده (ص) سنة أو سنتين
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»