إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٧٠
وغزا غزوتين كما شرطه بعض آخر وهذه الشرايط مما لم يتحقق في أكثر الممتنعين عن أداء الزكاة إلى أبي بكر إن قلت أن إطلاق الصحابي على من خرج مرتدا عن الدنيا قد وقع باعتبار ما كان قلت هذا مجاز والأصل خلافه ولهذا قلنا والظاهر من إطلاقه ذلك فافهم فإن قلت قد علم من فحوى كلام المصنف وصريح كلام بعض علماء مذهبه في غير هذا الموضع اعتقاد إن الذين غصبوا الخلافة عن علي (ع) وخرجوا عليه وبغوا كانوا في زمان النبي (ص) من المنافقين فلا وجه للاستدلال بالأحاديث المذكورة على أنهم ارتدوا بعد النبي (ص) إذ لا معنى لارتداد المنافق لأنه كافر باطنا قلنا لما كان نفاقهم في أيام النبي (ص) مبنيا على إنكارهم لأصل الخامس من أصول الإمامة وهو إمامة علي (ع) ولم يظهروا ذلك الانكار إلا بعد النبي (ص) حكم بوقوع ارتداد منهم بعده فإنهم بعد وفاته (ص) غصبوا الخلافة عن أمير المؤمنين (ع) وخرجوا عليه ولم ينقادوا له و جحدوا ما جاء به النبي في حقه من النص الجلي والخفي ونقضوا البيعة والعهد الذي أحكم الله تعالى ورسوله في حقه وجعله قلادة في رقابهم وربقة في أعناقهم كما نطق به الكتاب والسنة وحققناه مرارا متعددة في مواطنه من أنه (ص) تلا عليهم ما نزل في حقه (ع) من الآيات وأخذ البيعة والعهد منهم له وأقره عليهم فسموه بأمير المؤمنين (ع) فيما بينهم مع ما في صدورهم من غل غلت به من أجل صدورهم وحقد قد أخذ بمجامع قلوبهم وحسد قد شربته مزارع أفئدتهم وبغض قد تشبث بمراقع بوطنهم وكانوا يترصدون الفرصة في ذلك كما علم من قوله (ص) ضغاين في صدور قوم لا يبدونها حتى يفقدوني فلما فقد صلوات الله عليه من بين أظهرهم لاحت طلايع كدوراتهم على صفحات ظواهرهم وأنت خبير بأن تكليفه (ص) بهذا الأمر لاقى فيه عرق القربة حتى وضعه على طرف التمام ولم ينجع فيهم رشدا كان أشق وأشد عليه من جهاد الكافرين بالسيف علما منه (ص) بصعوبة هذا الأمر على القوم وإن جز الرقاب كان أهون عليهم من إصابة هذا المصاب كما روى في المشكاة من قوله (ع) إن أمرتم عليا ولا أراكم فاعلين سلك بكم سبيل الهداية وكما حكي عن بعضهم أنه قال عند نزول آية الغدير وإظهار النبي (ص) ورودها في شأن خلافة حضرة الأمير اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ولعلمه تعالى بصعوبة هذا التكليف عليه (ص) بالغ في تبليغ خلافته بقوله يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس فإنه سبحانه قد علق قبول ما بذل فيه جده وجهده وقاسى فيه كده ووكده من تبليغ جميع الأحكام على تبليغ هذا الحكم ولما علم جل جلاله خوفه (ص) عليه وحذره من تبليغه هذا الحكم شجعه على الإقدام على هذا الأمر المسلم والشأن المدلهم بقوله والله يعصمك من الناس قال المصنف رفع الله درجته وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي أيضا في الحديث الحادي والثلاثون بعد مائة من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك قال إن النبي (ص) قال ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رايتهم ورفعوا إلي رؤوسهم اختلجوا فلأقولن إي رب أصحابي أصحابي فليقالن لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وفي الجمع بين الصحيحين أيضا في الحديث السابع والستين بعد المأتين من المتفق عليه في مسند أبي هريرة من عدة طرق قال قال النبي (ص) بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقالوا هلموا فقلت إلى أين فقال إلى النار والله قلت ما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقالوا هلموا فقلت إلى أين فقال إلى النار والله قلت ما شأنهم قال إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يخلص منهم إلا مثل ما يخلص من همل النعم ورووا نحو ذلك من عدة طرق في مسند أسماء بنت أبي بكر ومن عدة طرق في مسند أم سلمة (رض) ومن عدة طرق في مسند سعيد بن المسيب كل ذلك في الجمع بين الصحيحين وفي الجمع بين الصحيحين أيضا في مسند عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله (ص) أنا فرطكم على الحوض وليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا هويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني فأقول إي رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وروي نحو ذلك في مسند حذيفة بن اليماني في الحديث السابع من المتفق على وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي في مسند أبي الدرداء في الحديث الأول من صحيح البخاري قالت أم الدرداء دخل علي أبو الدرداء وهو مغضب فقلت له ما أغضبك فقال والله ما أعرف من أمر أمة محمد شيئا إلا أنهم يضلون جميعا وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث الأول من صحيح البخاري من مسند أنس بن مالك عن الزهري قال دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت ما يبكيك فقال لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت وفي حديث آخر منه ما أعرف شيئا مما كان على عهد رسول الله (ص) قبل الصلاة قال أليس قد صنعتم فيها وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس بعد ثلاثمائة من المتفق عليه من مسند أبي هريرة عن النبي (ص) قال مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جاء يهتاف الرأس من الدواب إلى النار يقعن فيها وجعل يحجرهن ويغلبه فيقمحن فيها قال وذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجركم هلموا عن النار فيغلبونني فيقمحون فيها وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث العاشر من مسند ثوبان مولى رسول الله (ص) قال وأنا أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وقع عليهم السيف لا يرفع عنهم إلى يوم القيامة فلا يقوم الساعة حتى يلحق من أمتي بالمشركين وحتى يعيد القيام من أمتي والأوثان وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث التاسع والأربعين من أفراد البخاري من مسند أبي هريرة أنه قال قال رسول الله (ص) لا يقوم الساعة حتى تأخذ أمتي ما أخذ الدول شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله (ص) كفارس والروم قال ومن الناس إلا أولئك وفي الجمع بين الصحيحين في الحديث الحادي وعشرين من المتفق عليه من مسند أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص) لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لتتبعوهم قلنا يا رسول الله (ص) اليهود والنصارى قال فمن لنا وروى البغوي في كتاب المصابيح في حديث طويل في صفة الحوض قال قال رسول الله (ص) أنا فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكره من الأحاديث بعضه يدل على أن الأمة بعد رسول الله (ص) يبدلون سنته وبعضه يدل على أمراء السوة في آل أمية يعملون بخلاف سنته وكل هذه الأمور واقعة ولا طعن فيه على الصحابة وهي يدعى الطعن وما ذكر من اسم الأصحاب فقد ذكرنا أن المراد بهم المرتدين بعد رسول الله (ص) وأقول قد مر أن الأحاديث الذي ذكر فيها اسم الأصحاب كما يحتمل الحمل على مانعي الزكاة يحتمل الحمل على غاصبي الخلافة بل قد ذكرنا سابقا مرجحات ظاهرة للحمل على الأول ويستفاد من قوله (ص) سحقا سحقا لمن غير بعدي في حديث
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»