شهد فيها خزيمة للنبي (ص) عليه وآله فاستجاب الله دعائه ودعوى إن كل هؤلاء الذين دعا النبي صلى الله عليه وآله عليهم كانوا منافقين أو كفارا مجاهرين مكابرة ظاهرة خصوصا في الصبي والذي كان يأكل الطعام عنده (ص) بل هذه الدعوى أصعب على الناصب وأقوامه في الدعاء على الحكم بن العاص الذي بالغ عثمان في مودته واهتم في معاودته إلى المدينة خلافا على رسول الله (ص) إذ يبعد من كمال حسن ظن القوم بعثمان أن يظهر عثمان مودة كافر أو منافق على ذلك النحو من المبالغة مع أنه تلى عند جمعه القرآن على زعم الأقوام ما وقع في نص القرآن من النهي عن مودة الكفار بقوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كان آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم وأيضا روى في المشكاة في المتفق عليه أنه (ص) أمر في مرض موته بإخراج المشركين عن جزيرة العرب فلو كان الحكم محكوما عليه عنده بالكفر والشرك كيف جاز له إدخاله في المدينة بعد النبي (ص) وورود ذلك الأمر في حق المشركين اللهم إلا أن يدعى كذبا إن ذلك الدعاء كان في أيام كفره وأيضا قد روى اليافعي الشافعي في ضمن ترجمة النسائي المحدث المشهور أن معاوية قد ابتلي بدعاء النبي (ص) بمرض الجوع ولعله أراد جوع الكلب فإن له مناسبة بحال معاوية حيث اشتق اسمه من عوى الكلب وبالجملة إذا لم يجعل الله تعالى دعاء النبي (ص) في معاوية رحمة كما ذكره اليافعي دل على أنه كان كافرا أو منافقا كما ذكره المصنف وما ذكره من أنه كيف جاز لمعاوية أن يعتذر بالأكل إلى آخره فمعارض بأنه كيف جاز لابن عباس أن لا يوصل أمر النبي (ص) إلى معاوية بمجرد أنه رآه مشغولا بالأكل من غير أن يسمع منه الاعتذار بذلك وكيف جاز للنبي (ص) أن ينال معاوية بذلك الدعاء الذي ظاهره غضب بمجرد قول ابن عباس أنه يأكل الطعام وأما ما ذكره من أنه (ص) دعا على بعض المسلمين بقوله ثكلتك أمك فعلى تقدي صحة وقوعه مدفوع بما صرح به الشيخ ابن حجر في مقدمة شرحه لصحيح البخاري بأنها كلمة يستعمل ولا يراد بها حقيقتها وكذا الكلام في تربت يمينك وترب جبينك قال ابن حجر ظاهرهما الدعاء عليه بالفقر والقتل ولا يقصد ذلك وكذا في قوله عقرى حلقي قال حلقي مقصور أصله إن المرأة كانت إذا مات لها حميم حلقت شعرها فكأنه دعا عليها بذلك لكن لا يقصد ظاهره انتهى ثم نقل عن ابن عباس أن لفظة عقرى لغة قريش والظاهر أنها من العقر بمعنى الجرح انتهى ومما ينبغي أن ينبه عليه أن الناصب لم يتعرض لقول المصنف ومنها أنه خاصم عليا عليه السلام إلى آخر بل لم يذكره أصلا لعجزه عن الجواب ونحن ذكرناه حفظا لنظام الكتاب وهو الصواب قال المصنف رفع الله درجته ومنا أنه قال أنا أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين قال عبد الله بن عمر دخلت على حفصة وبوسانها تنظف قلت قد كان من أمر الناس ما تبين فلم يحصل لي من الأمر شئ فقالت الحق بهم فإنهم ينتظرونك وأخشى أن يكون في اجتنابك عنهم فرقة فلم تدعه حتى ذهب فلما تفرق الناس خطب معاوية فقال من أراد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه فلنحن أحق منه ومن أبيه قال الحميدي وأراد عبد الله بن عمر أن يجيب معاوية فأمسك عن الجواب فإن كان ما قاله معاوية حقا فقد ارتكب عمر بن الخطاب في أخذه الخلافة باطلا وإن كان باطلا كيف يجوز تقدمه على طوايف المسلمين ومنها أن النبي (ص) كان يلعنه دائما ويقول الطليق بن الطليق اللعين بن اللعين وقال إذا رأيتم معاوية على منبري فاتقلوه وكان من مؤلفة قلوبهم ولم يزل مشركا مدة كون النبي (ص) مبعوثا يكذب بالوحي ويهز بالشرع وكان يوم الفتح باليمن يطعن على رسول الله (ص) ويكتب إلى أبيه صخر بن حرب يعيره بالإسلام ويقول له اصبات إلى دين محمد وفضحتنا حيث يقول الناس إن ابن هند تخلى عن العزى وكان الفتح في شهر رمضان لثمان سنين من قدوم النبي (ص) المدينة ومعاوية يومئذ مقيم على الشرك هارب من رسول الله (ص) لأنه كان قد هدر دمه فهرب إلى مكة فلما لم يجد له مأوى صار إلى النبي (ص) مضطرا فأظهر الإسلام وكان إسلامه قبل موته (ص) بخمسة أشهر وطرح نفسه على العباس ليشفع إلى رسول الله (ص) فعفى عنه ثم شفع إليه ليكون من جملة خمسة عشر لتكتب له الرسايل انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر أن معاوية كان يدعي أنه أحق بالخلافة من عمر فلا يبعد هذا لأنه كان يدعي أنه أحق من أمير المؤمنين علي في حياته وأيام خلافته فخرج عليه وبغى عليه وقتل جيوش المسلمين وفعل ما فعل مما لا ينبغي أن يذكر لقباحته وإساءته فلا يبعد أن يدعي مثل هذا في عمر ومن خالف الحق وخاض في الباطل والخطأ يدعي كل ما يكون خطأ ولا إمامة له على المسلمين ولا شرايط في إمامته صحت بل أخذ الخلافة والملك عنوة بالسيوف كما قال رسول الله (ص) الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم بعد ذلك يكون ملكا عضوضا والصحيح أن معاوية أسلم بعد الفتح بأيام يسيرة انتهى وأقول يتوجه عليه أن معاوية ادعى أحقيته عن عمر حيث تقرر الأمر عليه وهو حينئذ كان ممن صحت إمامته عن جمهور أهل السنة كما مر ولم يدع على علي (ع) ذلك أصلا بل كان يعترف ببغي نفسه ويحتال فيما ارتكبه من الحرب والقتال بأنه يطلب قتلة عثمان بن عفان من بني أعمامه كما اشتهر ومما ينبغي أن ينبه عليه أنه يلزم مما ذكره المصنف ههنا واعترف به الناصب من وقوع استسلام معاوية بعد الفتح إنه لم يكن من صحابة النبي (ص) ولا مهاجرا ويوضحه ما روى ابن بابويه (ره) في كتاب عيون أخبار الرضا بإسناده إلى أحمد بن محمد بن إسحاق الطالقاني قال حدثني أبي قال حلف رجل في خراسان بالطلاق أن معاوية ليس من أصحاب رسول الله (ص) في أيام الرضا (ع) فأفتى الفقهاء بطلاقها فسئل الرضا (ع) فأفتى أنها لا تطلق فكتب الفقهاء رقعة وأنفذوها إليه وقالوا من أين قلت يا بن رسول الله (ص) إنها لم تطلق فوقع (ع) في رقعتهم قلت هذا من روايتكم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال لمسلمة الفتح وقد كثروا عليه أنتم خير وأصحابي خيرة ولا هجرة بعد الفتح فاطل الهجرة ولم يجعل هؤلاء أصحابا له قال فرجعوا إلى قوله (ع) قال المصنف رفع الله درجته ومنها روى عبد الله بن عمر قال أتيت النبي (ص) فسمعته يقول يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي فطلع معاوية انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول إن صح هذا فلا يحكم بأنه مات على
(٢٦٥)