كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٦٢
هذا فنقول: إما أن يكون الخطاب للأمة أو للأئمة، والأول باطل للإجماع على أن الحدود لا يتولاها إلا الإمام أو من أذن له الإمام كما نقله الخوارزمي (1) فتعين الثاني وإذا كان خطابا للإمام وجب أن يكون منصوبا من قبله تعالى ليتحقق الأمر نحوه ويتوجه الخطاب إليه، ولا يجوز أن يكون منصوبا من قبل الأمة وإلا لكان الأمر موقوفا على أن تنصب الأمة إماما ويقبل ذلك المنصوب الإمامة (2) لا يقال: إنه أمر مطلق بالتوصل إلى قطع السارق والسارقة والتوصل إليه إنما يكون بقبول من يصلح للإمامة لها وبعقد من يمكنه العقد لمن يصلح للإمامة، فيلزم من جهة الآية على من يصلح للإمامة قطع السارق مع مقدماته وهي قبوله للإمامة، ولزم على من يمكنه العقد له القطع بأن يعقد الإمامة لمن يصلح لها فيقطعه الإمام، لأن الأمر المطلق يقتضي وجوب الفعل على كل حال وذلك يقتضي وجوب مقدماته، والآية دالة على وجوب نصب الإمام على الرعايا، لأنا نقول: الآية دلت بذاتها على القطع وبالتبع على المقدمات وإنما يتم الأمر بالقطع على تقدير إمام معصوم من قبله تعالى. ولا يجوز أن يجعل دالة بالذات على التوصل إلى القطع لأنه إخراج الكلام عن حقيقته من غير ضرورة ولا دلالة عليه، ولأن الأمر المطلق إنما يقتضي وجوب مقدمات الفعل على من يجب عليه ذلك الفعل، فأما وجوب الفعل على المكلف ووجوب مقدماته على غيره فغير صحيح، ومن يعقد

(1) الظاهر أنه أراد به أخطب خوارزم أبا المؤيد الموفق بن أحمد صاحب كتاب (مناقب أهل البيت عليهم السلام) المتوفى عام 568.
(2) يمكن أن يقال: بأن الخطاب متجه إلى الإمام خاصة، ولا يكون ذلك موقوفا على شئ، لأن الإمامة بعد فرض وجوبها على الأمة، وأن الأمة قائمة بهذا الفرض دائما فالإمام موجود دائما فإليه يتجه الخطاب، وهكذا جميع الخطابات القرآنية وغيرها، فإنه هو الحافظ للشريعة المقيم لحدودها والمسير لنظامها، غير أن الشأن كله في أن الإمام تتجه إليه الخطابات القرآنية وغيرها، والذي يجب أن يقيم الحدود من هو عالم بالكتاب والشريعة ومن هو عالم بالحدود ليقيمها حسبما وردت في الدين دون تحريف وتصحيف، وأما من يجهل مفاد الخطابات ويجهل الحدود كيف يصح خطابه وتصح إقامته للحدود، فمن ثم يعلم أن المخاطب في - الكتاب والسنة والمقيم للحدود كما جاءت هو الإمام المعصوم فحسب.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست