إلى هاد من غير أن يجعل له هاديا وهذا ظاهر وكل غير معصوم يحتاج إلى هاد من غيره لأنا نعني بالهادي هو المقرب إلى الطاعة والمبعد عن المعصية فلو لم يتوقف عليه الفعل لم يكن واجبا فلو كان الإمام غير معصوم ولا إمام له استحال أن يجعله الله تعالى هاديا للأمة فكل إمام هاد.
الثالث والتسعون: حيث الإمامة شرطها العدالة والإمامة إمامة مطلقة لا أعلى منها أصلا غير النبوة فشرطها العدالة المطلقة التي منها لا أعلى منها وهي العصمة.
الرابع والتسعون: لما كان الفاسق لا يقبل أخباره في أدنى الأمور الجزئية فائدته فالأمور الكلية التي هي تقرير الشرايع بحيث تبقى إلى ما بعده لا يقبل فيها إلا أخباره من يجزم قطعا بعدم جواز الفسق عليه وهو العصمة.
الخامس والتسعون: يستحيل من الله تعالى أن يأمرنا في تحصيل الهداية باتباع من يمكن أن يضلها ولا يهدينا مع وجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف والمانع الذي هو التكليف والعقل غير كاف لغير المعصوم وعلم الله تعالى مطابق بعلم الأشياء كما هي فإذا كان يمكن الاضلال لا يعلم خلافه وإنما يعلم إمكان الاضلال، لا يقال لا يلزم من هذا الامكان الوقوع فجاز أن يعلم الله تعالى أن هذا لا يقع لأنا نقول: لكن المكلف يجوز ذلك فلا يحصل له داع إلى اتباعه إذ لم يأمن باتباع الهلاك بل هو داع عظيم إلى ترك امتثال قوله فتنتفي فائدته.
السادس والتسعون: أمر الله تعالى ونهيه وترغيبه في الثواب وترهيبه بحصول العقاب مع جزم المكلف جزما تاما بأن الله تعالى صادق الوعد فيلزم الجزم بحصول النجاة بامتثاله والهداية باتباعه والضلال بعدمه المؤدي إلى استحقاق العذاب قطعا لا يكفي في تحصيل داعي المكلف إلى الفعل وترغيبه منه بل يحتاج إلى الإمام وإلا لما وجب لغير المعصوم فكيف يكفي في تحصيل طريق يجوز المكلف كونه سببا للهلاك وكيف يجوز من الحكيم الذي حكمه لا يتناهى أن يأمر من يعلم أنه لا يكفيه الطريق المؤدي إلى السلامة والصواب