المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ٣٩
الأول: كيف يشهد رسول الله بالجنة لمن آذاه وهو طلحة؟
فقد ذكر بعض المفسرين والمؤرخين أن طلحة قال: " لئن مات محمد لننكحن أزواجه من بعده - أو - لأتزوجن عائشة " فتأذى رسول الله من كلام طلحة وأنزل الله قوله: * (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما) * (1).
الثاني: إن طلحة والزبير قاتلا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وقد قال رسول الله (ص) في حق علي عليه السلام: " يا علي حربك حربي وسلمك سلمي " (2).
وقال: " من أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني " (3).
وقال: " علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (4).
وقال: " علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق معه حيثما دار " (5).
فهل محارب رسول الله وعاصيه يكون في الجنة؟
وهل محارب الحق والقرآن يكون مؤمنا؟
الثالث: إن طلحة والزبير سعيا في قتل عثمان، فهل من الممكن أن يكون عثمان وطلحة والزبير كلهم في الجنة، وقد قاتل بعضهم بعضا، ويقول رسول الله (ص) - في حديث له -: القاتل والمقتول كلاهما في النار (6)؟

(١) سورة الأحزاب آية رقم ٥٣. انظر تفسير ابن كثير والطبري والخازن..
(٢) بايع كل من طلحة والزبير الإمام علي بعد مقتل عثمان ثم نقضا بيعته وحارباه في وقعة الجمل وقتلا فيها. (انظر أحداث وقعة الجمل في كتب التاريخ) وحرضا عائشة على الخروج وروي أن الرسول (ص) قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم. وفي رواية أخرى: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. (انظر الترمذي كتاب المناقب ومسند أحمد ج ٢ / ٤٤٢. والطبراني.
(٣) أنظر كنز العمال حديث رقم ١٢١٣..
(٤) أنظر مستدرك الحاكم ج ٣ كتاب معرفة الصحابة، باب فضائل علي، وانظر الطبراني.
(٥) مستدرك الحاكم، والترمذي ج ٢، وانظر مجمع الزوائد للهيثمي ج ٩ / ١٣٥..
(٦) روي عن الرسول (ص) قوله: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه حريصا على قتل صاحبه.. (البخاري كتاب الإيمان، ومسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة).
وقد انقلب طلحة والزبير على عثمان لكثرة انحرافاته وشاركا في الثورة عليه. (انظر الطبري ومروج الذهب).
أما رواية العشرة المبشرون بالجنة فهي للوضع أقرب لما يلي:
أولا: تخبط الرواة في تحديد العشرة فتارة يحددونهم فيما يلي:
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح..
وتارة يحددونهم فيما يلي: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعلي في الجنة وعثمان في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن في الجنة وسعيد في الجنة وأبو عبيدة في الجنة..
وتارة يحددونهم فيما يلي: النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وطلحة في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وسعيد بن مالك في الجنة وعبد الرحمن في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر، فقالوا من هو؟ قال: - أي الراوي سعيد بن زيد - أنا.. (انظر الترمذي وأبو داود ومسند أحمد وابن ماجة).
فالرواية الأولى فيها سعد بن أبي وقاص.
والرواية الثانية ليس فيها سعد وفيها تسعة لا عشرة..
والرواية الثالثة ليس فيها علي، وفيها النبي وهذا لا يصح فالنبي هو المبشر. وهذا وحده كاف لإثبات بطلان الرواية ونقضها من أساسها، ثم إذا سلمنا بذلك يصبح عدد المذكورين في الرواية سبعة بعد استثناء النبي.
ثانيا: إن الراوي وهو سعيد بن زيد هو العاشر أو بمعنى أصح وضع نفسه في العشرة..
ثالثا: أن هذا يعني أن بقية الصحابة الذين لم تذكر أسماؤهم في النار..
رابعا: أن هناك من بين الصحابة من هو أعلى مكانة وأشد بلاء في الإسلام من سعيد وسعد وعبد الرحمن وطلحة وغيرهم وعلى رأس هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري والمقداد وسلمان وحذيفة وبلال.
خامسا: إن المفروض أن يكون العشرة أشهر من نار على علم لا يختلف فيهم الرواة ولا تشوبهم شائبة وأن تكون هذه الرواية في مسلم أو البخاري..
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست