الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٣ - الصفحة ٧٦
التصرف في الأعمال، فالأصل هو استخلافه عليهم وعروض ذلك أن يستخلف صلى الله عليه وآله بعده رئيسا يشير إليه بعينه، ويفوض إليه الاستخلاف، فأما أن يجعل عروضه الاهمال والتعويل على اختيار الأمة فهو بعيد منه جدا، وليس لهم أن يجعلوا النص على صفة المختارين يجري مجرى النص على عين الأمير في حال حياته واختيار من نص على صفته أن يختارونه يجري مجرى استخلاف الأمير من يستخلفه، وذلك إنا لم نجده صلى الله عليه وآله مع اختلاف الأحوال وتغيرها نص في حياته على صفة من استخلفه على البلدان دون عينه، ولم نر له صلى الله عليه وآله في حياته إلا خليفة نص على استخلافه أو نص على عين مستخلفه، فيجب إذا كانت الحال الداعية إلى ذلك بعد الوفاة آكد أن يحكم بأن الأمر جرى على ما كان جاريا عليه في الحياة.
فأما قوله: " وبعد، فإن ذلك ليس بأن يدل على النص على واحد بأولى من غيره " فهو على ما ذكره وقد تقدم من كلامنا في هذا المعنى ما فيه كفاية.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر، واحتجوا بما رووا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام " أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني " (1) [لأنه لا يكون كذلك إلا

(١) هذا الحديث أخرجه بهذا المعنى وتقارب في الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية، وإثبات السنة وجهابذة الحديث كابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي، والثعلبي، والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيرهما، والطبري وابن الأثير في تاريخهما، وصرح أبو عثمان الجاحظ - كما نقل ذلك عنه أبو جعفر الإسكافي في نقض " العثمانية " تعرف ذلك عند مراجعة " المراجعات " لشرف الدين ص 118 في المراجعة 20، وقد أوردت أكثر من ثمانين شاهدا على صحة الوصية لعلي عليه السلام في كتابي " مصادر نهج البلاغة وأسانيده " ج 1 ص 121 - 151 من الكتاب والسنة، والتاريخ والأخبار، والشعر والأدب، وحسبك أن قاضي القضاة أرسله هنا إرسال المسلمات، وإن حاول صرفه على ما يراد به.
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»